وحدث يموت بن المزرع، عن ابن الملاح، عن أبيه، عن إسماعيل ابن جعفر بن إبراهيم، عن موسى بن عبد الله بن حسن، قال: خرجت من منالنا بسويقة جنح وليل، وذلك قبل خروج محمد أخي، فإذا أنا بنسوة توهمت أنهن خرجن من دارنا، فأدركتني الغيرة (1)، فاتبعتهن لأنظر حيث يردن (2)، حتى إذا كان (3) بطرف الجمير، التفتت إحداهن وهي تقول:
سويقة بعد ساكنها يباب * لقد أمست أجد بها الخراب فقلت لهن: أمن الانس أنتن فلم يراجعنني. فخرج محمد بعد هذا، فقتل وخربت ديارنا.
وبالاسناد عن إسماعيل، قال: لقيني موسى بن عبد الله، فقال لي: هلم حتى أريك ما صنع بنا بسويقة، فانطلقت معه، فإذا بنخلها قد عضد من آخره، ومصانعها قد خربت، فخنقتني العبرة. فقال: إليك، فنحن (4) والله كما قال دريد بن الصمة:
تقول ألا تبكي أخاك وقد أرى * مكان البكا لكن جبلت على الصبر وقال سعيد بن عقبة: نزلت ببطحاء سويقة، فاستوحشت لخرابها، إلى أن خرجت ضبع من دار عبد الله بن حسن، فقلت:
إني مررت على دار فأحزنني * لما مررت عليها منظر الدار وحشا خرابا كأن لم تغن عامرة * بخير أهل لمعتر وزوار لا يبعد الله قوما كان يجمعهم * جنبا سويقة أخيارا لاخيار الرافعين لساري الليل نارهم * حتى يؤم على ضوء من النار