الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٢٣٥
المقالة، ومن الكلام ما يتضمن دلالة البرهان ومنه ما لا يتضمن ذلك إذ كل برهان فإنه يمكن أن يظهر بالكلام كما أن كل معنى يمكن ذلك فيه، والاسم دلالة على معناه، وليس برهانا على معناه وكذلك هداية الطريق دلالة عليه وليس برهانا عليه فتأثير دلالة الكلام خلاف تأثير دلالة البرهان.
917 الفرق بين الدلالة والدليل: أن الدلالة تكون على أربعة أوجه أحدها ما يمكن أن يستدل به قصد فاعله ذلك أو لم يقصد، والشاهد أن أفعال البهائم تدل على حدثها وليس لها قصد إلى ذلك والأفعال المحكمة دلالة على علم فاعلها وإن لم يقصد فاعلها أن تكون دلالة على ذلك، ومن جعل قصد فاعل الدلالة شرطا فيها احتج بأن اللص يستدل بأثره عليه ولا يكون أثره دلالة لأنه لم يقصد ذلك فلو وصف بأنه دلالة لوصف هو بأنه دال على نفسه وليس هذا بشئ لأنه ليس بمنكر في اللغة أن يسمى أثره دلالة عليه ولا أن يوصف هو بأنه دال على نفسه بل ذلك جائز في اللغة معروف يقال قد دل الحارب على نفسه بركوبه الرمل ويقال أسلك الحزن لأنه لا يدل على نفسك ويقولون استدللنا عليه بأثره وليس له أن يحمل هذا على المجاز دون الحقيقة إلا بدليل ولا دليل، والثاني العبارة عن الدلالة يقال للمسؤول أعد دلالتك، والثالث الشبهة يقال دلالة المخالف كذا أي شبهته، والرافع الامارات يقول الفقهاء الدلالة من القياس كذا والدليل فاعل الدلالة ولهذا يقال لمن يتقدم القوم في الطريق دليل إذ كان يفعل من التقدم ما يستدلون به، وقد تسمى الدلالة دليلا مجازا، والدليل أيضا فاعل الدلالة مشتق من فعله، ويستعمل الدليل في العبارة والامارة ولا يستعمل في الشبه، والشبهة هي الاعتقاد الذي يختار صاحبه
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست