تحت أكثر ولدي هذين أم الحسن والحسين - ع -؟ فأجابه بأنه غير مستعد ليبادل قنبرا خادم الإمام علي (ع) به وبولديه؟ فغضب المتوكل وأمر بقطع لسانه. وفي رواية أخرى أن المتوكل سئله أيحترم عليا والحسنين أكثر أم هو وولديه؟ فأجابه ابن السكيت أن قنبر خادم علي أحسن منك ومن ولديك، أو أنه بادر إلى تعداد فضائل الحسنين - ع - أمام المتوكل ولم يذكر شيئا عن ولدي المتوكل المعتز والمؤيد. فأمر المتوكل بإخراج لسانه من قفاه. أو أن غلمان المتوكل طرحوه أرضا وبدأوا يركلونه ويدوسون بطنه بأرجلهم، أو أنه أمر بالعقوبتين معا، وأخيرا فإنه ارتحل إلى ربه في تلك الساعة أو في غد ذلك اليوم المصادف لليوم الخامس من رجب سنة 243 أو 244 أو 246 ه. وتبقى هذه الحادثة نقطة عار في تاريخ البشرية. وقد ذكرها العلامة الحلي في " الخلاصة " والمرحوم الشيخ البهائي في تعليقاته على " الخلاصة " وأضاف المرحوم العلامة ان ابن السكيت كان يحتل مكانة خاصة لدى الامامين الهمامين الجواد والهادي - ع - وأنه كان قد التقى مرات عديدة على انفراد بهما. ولذا فقد نقلت عنه روايات وأحاديث وأسئلة وأجوبة عن الإمام الجواد - ع - وأن المتوكل لم يقتله إلا لكونه شيعيا.
إن كتاب " اصلاح المنطق " الذي هو كتاب لغوي كالعشرات من أمثاله كان لا يعد من المؤلفات التي لها ترتيب مألوف. بل الألفاظ في هذا الكتاب قد ردفن بملاحظة اشتراك جزئي في اللفظ أو المعنى، وهذا المنوال مما يجعل الاستفادة من الكتاب والرجوع إليه أمرا ليس بسهل، ويحتاج إلى صرف مزيد من الوقت في الحال الذي ينبغي ان يسهل الكتاب اللغوي على مراجعيه الوصول إلى الحقايق بأسرع ما يمكن، فالشخص الذي تصادفه كلمة لا يفهم معناها يلجأ المعجم ويجب ان يكون المعجم منظما بطريقة تساعده في الحصول على بغيته بأسرع وقت ولأول وهلة لئلا يفوته الموضوع الذي بصدده وحتى لا يجد حاجة إلى إعادة ما قرأه سابقا وإلا فان الدور الذي يلعبه كتاب اللغة (المعجم) لا قيمة له.
وكما أن الغالب في كتاب اللغة ان يضع المعنى للفظ المبهم، لا أن يضع اللفظ للمعنى الموجود في ذهن الباحث.
ومن المؤسف أن كنوزا عديدة من الكتب اللغوية العربية التي لم ترتب كلماتها بحسب حروف المعجم تعيش هذا الوضع، وبالتالي فإنها تكون مهجورة في زوايا المكتبات بعيدة عن أيدي الباحثين والطلاب، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق أبناء أمتنا ليعيدوا ترتيبها بالشكل المألوف ليخرجوها من العزلة والفرقة. (1).