[وقد مضت عنا بنصف رجب * يا ليت انا لم نشاهد رجبا] فكأني بها (صلوات الله عليها) لما قرب منها الموت وحانت منها المنية، اضطجعت على فراشها واستقبلت القبلة، وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن جدي محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأن أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأخوي الحسن والحسين وعلي بن الحسين وبقية الأئمة الطاهرين (ع) أئمتي وأوليائي وإن جميع ما جاء به جدي رسول الله (ص) حق ومن عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وكأني بها سلام الله عليها عند احتضار الموت قد غمضت عينيها ومدت يديها ورجليها وقرأت سورة يس والصافات، وفاضت نفسها الطيبة وفارقت روحها الدنيا، وكأني بمن حضر هذه الكارثة العظمى والفادحة الكبرى من نساء ورجال قد علا منهم الصياح، وارتفع النياح، وكثر منهم الضجيج والعجيج، ولطموا الخدود، وشققوا الجيوب، ونادوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، فلم ير في ذلك اليوم إلا باك وباكية وناع وناعية، ونائح ونائحة، وصارخ وصارخة، ينادون وا زينباه، وا سيدتاه، وا غريبتاه، وا مصيبتاه، وا فجعتاه، وا وحشتاه، وا طول حزناه، وا ثكلاه، وكأني بزوجها الحزين مع من حضر من الجمع قد قاموا في جهازها، فغسلوها وكفنوها، وصلوا عليها، ودفنوها في قبرها، وأهالوا عليها التراب فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولله در الفاضل الخطيب الميرزا محمد الخليل النجفي حيث يقول في قصيدة له في رثائها عليها السلام: - [إذا نابك الدهر لا تعجب * فليس على الدهر من متعب] [ولا تغترر بابتساماته * فبالناب يغدر والمخلب] [وكن جلدا عند دهم الخطوب * فمن يرتدي الصبر لم يغلب] [وإن دهمتك صروف الزمان * تذكر عقيلة آل النبي]
(٤٧١)