مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٢
والمراد من العلوم، العلوم الحقيقية وعلم العرفان الحقيقي، التي تهب الكمال للانسان.
والتي يصل إلى قسط منها العلماء من خلال النظر والتأمل في ظواهر هذا العالم يدفعهم إلى الخوف والخشية من الله المتعال، كما يقول عنهم في القرآن الكريم: (انما يخشى الله من عباده العلماء) ان العدل والقسط من الأمور التي يطمح إليها كل افراد البشر ويظهرون حبهم لها، فهم فطريا يريدون ان يكونوا عادلين ولا يستطيعون ان ينكروا الاحساس ما بعدل أو فضل حكم العادل، وحتى إذا أنكروه باللسان ففي أعماق وجدانهم يعترفون بأفضليته.
ان الهدف من ارسال الرسل ونزول الكتب السماوية والقوانين المحكمة الإلهية، بنيته الآية الشريفة (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) فهو اذن ان تقوم أمور الناس على القسط.
ان العدل والقسط أحيانا يحملان معنيين مترادفين يهم منه معنى واحد، حيث فسر بعض اللغويين القسط عند ما استعمل وحده بمعنى العدل نفسه، كما أن ظاهر هذا أيضا هو هذا المعنى. وأحيانا يعنى القسط معنى مشابها للعدل ومرتبطا به فهو يشمل الاعتدال والمتناسب في السهام والحقوق والأنظمة المالية والاقتصادية والاجتماعية أيضا سواء في تشريع قوانينها وتطبيقها.
وعلى هذا فالحاكم العادل هو ذلك الشخص الذي يقرر اجرا الأنظمة على أساس القسط والعدل.
أما إذا كان القانون القانون الذي دونوه ناقصا مثل القوانين البشرية، فلا يطلق على الشخص الذي ينفده انه عادل، لان عدل الحاكم بدون عدل القانون يمنع من تحقق العدل، وكذلك أيضا فان عدل القانون بدون الشخص العادل الذي ينفذه، سوف لا يثمر.
ان انزال الكتاب والميزان في الآية الشريفة إشارة إلى القوانين الكافية والجامعة التي نزلت على الأنبياء، والتي جاءت في كل جانب من جوانب الحقوق على أساس القسط.
في دين الاسلام لا يستطيع شخص ان يقول: انا راض لوجود العدل، وغير راض عن القسط إذا اخذناه بمعنى تعادل الأسهم وتساوى الفرص لان الاسلام بحكم
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 » »»