زوجات النبي (ص) - سعيد أيوب - الصفحة ٦٧
في نفسك ما الله مبديه) أي مظهره (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) ذيل الآيات. أعني قوله: (الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحدا " إلا الله) دليل على أن خشيته صلى الله عليه وسلم الناس. لم تكن خشية على نفسه. بل كانت خشية في الله. فأخفى في نفسه ما أخفاه. استشعارا " منه أنه لو أظهره، عابه الناس وطعن فيه بعض من في قلبه مرض، فأثر ذلك أثرا " سيئا " في إيمان العامة، وهذا الخوف - كما ترى - ليس خوفا " مذموما ". بل خوف في الله. وهو في الحقيقة خوف من الله سبحانه.
فقوله: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) الظاهر في نوع من العتاب. ردع عن نوع من خشية الله. وهي خشية عن طريق الناس وهداية إلى نوع آخر من خشيته تعالى، وأنه كان من الحري أن يخشى الله دون الناس. ولا يخفي ما في نفسه ما الله مبديه. وهذا نعم الشاهد على أن الله كان قد فرض له أن يتزوج زوج زيد الذي كان تبناه، ليرتفع بذلك الحرج عن المؤمنين في التزوج بأزواج الأدعياء. وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان يخفيه في نفسه إلى حين. مخافة سوء أثره في الناس، فأمنه الله ذلك بعتابه عليه. نظير ما تقدم في قوله تعالى: (يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك - إلى قوله - والله يعصمك من الناس) الآية.
فظاهر العتاب الذي يلوح من قوله: (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) مسوق لانتصاره.. وتأييد أمره. قبال طعن الطاغين ممن في قلوبهم مرض. نظير ما تقدم في قوله: (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين) (1) ومن الدليل على أنه انتصار وتأييد في صورة العتاب قوله تعالى بعد: (فلما قضى زيد منها وطرا " زوجناكها) حيث أخبر عن تزويجه إياها. كأنه أمر خارج عن إرادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واختياره ثم قوله: (وكان أمر الله مفعولا ").

(1) سورة التوبة آية 43.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست