الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ١٢٧
عن الأعمش (1) عن عباية بن ربعي (2) عن عبد الله بن عباس، عن أبيه قال:
(١) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، الكوفي (الأعمش) مولاهم، أبو محمد: تابعي مشهور، أصله من طبرستان، ولد في الكوفة عام ستين، وقيل:
انه ولد يوم مقتل الحسين (ع)، عده الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الصادق (ع)، قال الذهبي عنه (أبو محمد أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين ما نقموا عليه الا التدليس) قال بن عيينة: (سبق الأعمش أصحابه بأربع: كان أقرأهم للقرآن، واحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى) وقال العجلي: (كان ثقة ثبتا " في الحديث، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه لم يكن له كتاب وكان رأسا " في القرآن، عالما " بالفرائض، وكان لا يلحن حرفا "، وكان فيه تشيع) كما نص على تشيعه ابن ماكولا، ومحمد ابن إسحاق المؤرخ.
وقال بن المديني: له نحو الف وثلاثمائة حديث. وقال عيسى بن يونس: (لم نر مثل الأعمش، ولا رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عند الأعمش مع فقره وحاجته) وقال يحيى: كان من النساك وقال أبو نعيم: مات عام ١٤٨ بالكوفة وقيل:
٤٧. راجع (رجال الطوسي: ٢٠٦ وهامش ٢ من الصفحة نفسها، ورجال المامقاني ٦٥ / ٢ وميزان الاعتدال:: ٢٢٤ / ٢، وتهذيب التهذيب: ٢٢٢ / ٤ وتقريب التهذيب:
٣٣١ / ٦، وتاريخ بغداد: ٣ / ٩، وله ذكر في أغلب المعاجم).
(٢) عباية بن ربعي، الأسدي: عده الشيخ الطوسي: باسم عبادة بن ربعي من أصحاب الإمام علي (ع) وتارة باسم عباية بن عمرو بن ربعي من أصحاب الإمام الحسن (ع)، وعد في الخلاصة أيضا " من أصحاب الإمام علي (ع)، والبرقي أيضا " عده من خواصه، وقال المرحوم المامقاني: (حسن عقيدته مسلمة وكونه من خواصه الذي شهد به البرقي يدرجه في الحسان).
وقال الذهبي: (روى عن علي، وعنه موسى بن طريف، كلاهما من غلاة الشيعة، له عن علي: انا قسيم النار. قال شبابة: حدثنا ورقاء، قال: انطلقت انا ومسعر إلى الأعمش نعاتبه في حديثين: انا قسيم النار، وحديث آخر: فلان كذا وكذا على الصراط، فقال ما رويت هذا قط، وقال الخربي: كنا الأعمش فجاءنا يوما " وهو مغضب، فقال: الا تعجبون! موسى بن طريف يحدث عن عباية عن علي، قال: انا قسيم النار).
وذكر ابن حجر حديثا " ساقه عن طريق عيسى ابن يونس، قال: (ما رأيت للأعمش خضع إلا مرة واحدة، فأنه حدثنا بهذا الحديث، فبلغ ذلك أهل السنة، فجاؤوا فقالوا له التحدث بهذا يقوى الرافضية والزيدية، والشيعية، فقال: سمعته فحدثت به. قال: فرأيته خضع ذلك اليوم) وذكر العقيلي عباية في الضعفاء وقال: (روى عنه موسى بن طريف، وكلاهما غاليان ملحدان). راجع: (رجال الطوسي: ٤٨ و ٦٩، ورجال المامقاني: ١٣٢ - ١٣٣ / ٢، وميزان الاعتدال: ٣٨٧ / ٢، ولسان الميزان: ٢٤٧ / ٣).
والذي يظهر من كلام الذهبي وابن حجر ان اتهامهما لعباية، وموسى بن طريف بأنهما من غلاة الشيعة، أو انهما ملحدان نشأ من رواية هذا الحديث عن الإمام علي (ع) (انا قسيم النار) ومعنى هذا الحديث كما رواه الإمام الرضا عليه السلام ان رسول الله (ص) قال له: أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي، وهذا لك.
وقد روى هذا الحديث جمع من الرواة منهم: المناوي في (كنوز الحقائق:
٩٢ ط اسلامبول ١٢٨٥) والمتقي الهندي في (كنز العمال: ٤٠٢ / ٦ ط حيدرآباد) وابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة: ٧٥ ط مصر الميمنة ١٣١٢) والخوارزمي الحنفي في (المناقب الفصل التاسع عشر: 234) والمحب الطبري الشافعي في (ذخائر العقبي: 17) والحمويني الشافعي في (الرياض النضرة في: 173 و 177 و 244 / 2) وسليمان الحنفي القندوزي في (ينابيع المودة: 86 و 112 / ط اسلامبول 1301) والخطيب البغدادي في (تاريخه 161 / 3) وابن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي في (رشفه الصادي من بحور فضائل الهادي: 459 / ط مصر 3103) والقرشي في (شمس الاخبار: 36) والشبراوي الشافعي في (الاتحاف بحب الاشراف:
15 / ط مصر 1316) وابن الصبان في (اسعاف الراغبين: 161)، وغير هؤلاء كثيرون رووا هذا الحديث. فلماذا ثقل على الذهبي وابن حجر ذلك واتهما عباية وموسى بن طريف بالغلو، ولكن الحقيقة ان الدافع هو ما اعترف به بن حجر نفسه من (ان أمثال هذه الأحاديث تقوى الرافضية والزيدية والشيعية) ولهذا كالا لهما الاتهام المقذع.