كان معه حين ذهب إلى ربه أحد من أصحابه أو أحد من بني إسرائيل؟
قلت: لا.
قال: أو ليس استخلفه على جماعتهم؟
قلت: نعم.
قال: فأخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وآله حين خرج إلى غزاته، هل خلف إلا الضعفاء والنساء، والصبيان؟ فأنى يكون مثل ذلك؟ وله عندي تأويل آخر من كتاب الله يدل على استخلافه إياه لا يقدر أحد أن يحتج فيه، ولا أعلم أحدا احتج به، وأرجو أن يكون توفيقا من الله.
قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟
قال: قوله عز وجل حين حكى عن موسى عليه السلام قوله: ﴿واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا﴾ (1): فأنت مني يا علي بمنزلة هارون من موسى، وزيري من أهلي، وأخي أشد به أزري، وأشركه في أمري، كي نسبح الله كثيرا، ونذكره كثيرا، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلى الله عليه وآله وأن يكون لا معنى له.
قال - إسحاق -: فطال المجلس وارتفع النهار.
فقال يحيى بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به بالخير، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه.
قال إسحاق: فاقبل علينا وقال: ما تقولون؟
فقلنا: كلنا نقول أمير المؤمنين أعزه الله.