البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ١٠٣
ونأتي إلى سؤال آخر في تسلسل الأسئلة المتقدمة، وهو السؤال الذي يقول:
هل للفرد مهما كان عظيما القدرة على إنجاز هذا الدور العظيم؟ وهل الفرد العظيم إلا ذلك الإنسان الذي ترشحه الظروف ليكون واجهة لها في تحقيق حركتها؟
والفكرة في هذا السؤال ترتبط بوجهة نظر معينة للتاريخ تفسره على أساس أن الإنسان عامل ثانوي (1) فيه، والقوى الموضوعية المحيطة به هي العامل الأساسي، وفي إطار ذلك لن يكون الفرد في أفضل الأحوال إلا التعبير الذكي عن اتجاه هذا العامل الأساسي.
ونحن قد أوضحنا في مواضع أخر من كتبنا المطبوعة (2) أن التاريخ يحتوي على قطبين: أحدهما الإنسان، والآخر القوى المادية المحيطة به. وكما تؤثر القوى المادية وظروف الإنتاج والطبيعة في الإنسان، يؤثر الإنسان أيضا فيما حوله من قوى وظروف، ولا يوجد مبرر لافتراض أن الحركة تبتدئ من المادة وتنتهي بالإنسان إلا بقدر ما يوجد مبرر لافتراض العكس، فالإنسان والمادة يتفاعلان

(١) إشارة إلى نظرية المادية التاريخية، أي إلى التفسير الماركسي للتاريخ، راجع: اقتصادنا ١: ١٩، وفيه تحليل علمي ومناقشة فلسفية عميقة بقلم الإمام الشهيد الصدر (رضي الله عنه).
(٢) إشارة إلى كتاب (فلسفتنا)، وإلى مقدمة كتاب (اقتصادنا).
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 » »»