البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ١٠٠
ولا لعملية تغيير تقتصر على هذا الجزء من العالم أو ذاك، لأن رسالته التي ادخر لها من قبل الله - سبحانه وتعالى - هي تغيير العالم تغييرا شاملا، وإخراج البشرية كل البشرية من ظلمات الجور إلى نور العدل (1)، وعملية التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرد وصول الرسالة والقائد الصالح وإلا لتمت شروطها في عصر النبوة بالذات، وإنما تتطلب مناخا عالميا مناسبا، وجوا عاما مساعدا، يحقق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية.
فمن الناحية البشرية يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملا أساسيا في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبل رسالة العدل الجديدة، وهذا الشعور بالنفاد يتكون ويترسخ من خلال التجارب الحضارية المتنوعة التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلا بسلبيات ما بنى، مدركا حاجته إلى العون، متلفتا بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول.
ومن الناحية المادية يمكن أن تكون شروط الحياة المادية الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة في عصر كعصر الغيبة الصغرى على إنجاز الرسالة على صعيد العالم كله، وذلك بما تحققه من تقريب المسافات، والقدرة الكبيرة على التفاعل بين شعوب الأرض، وتوفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها جهاز مركزي لممارسة توعية لشعوب العالم وتثقيفها على أساس الرسالة الجديدة.
وأما ما أشير إليه في السؤال من تنامي القوى والأداة العسكرية التي يواجهها القائد في اليوم الموعود كلما أجل ظهوره، فهذا صحيح، ولكن ماذا ينفع نمو الشكل

(1) كما هو نص الحديث النبوي الشريف: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني أو من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ".
راجع: التاج الجامع للأصول / منصور علي ناصف 5: 360 الهامش، قال: رواه أبو داود والترمذي.
(١٠٠)
مفاتيح البحث: الغيبة الصغرى (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»