اخرج من خريطته عيدانا وركبها ثم لعب بها فضحك منها كل من كان في المجلس ثم ركبها تركيبا آخر فضرب بها فبكى كل من حضر، ثم غير تركيبها فنام كل من في المجلس حتى البواب، ثم تركهم نياما وخرج.
(ويحكى) انه كان منفردا بنفسه لا يجالس الناس، وكان مدة مقامه بدمشق لا يكون غالبا إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض ويؤلف هناك كتبه ويتناوبه المشتغلون عليه.
وكان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن، وأجرى عليه سيف الدولة كل يوم من بيت المال أربعة دراهم، وهو الذي اقتصر عليها لقناعته، ولم يزل على ذلك إلى أن توفى بدمشق سنة 339 (شلط) وقد ناهز ثمانين سنة، وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه ودفن بظاهر دمشق خارج الباب الصغير. (والفارابي) نسبة إلى فاراب، وهي مدينة فوق شاش قريبة من مدينة بلاساعون بفتح الموحدة بلدة في بعض ثغور الترك وراء نهر سيحون بالقرب من كاشغر، وكاشغر: بسكون الشين وفتح الغين المعجمتين وهي من المدن العظام في تخوم الصين.
(والفارياب) بلد ببلخ، (وظهير الفاريابي) شاعر أديب معروف، ومن شعره في الموعظة:
بكوش تابسلامت بمأمني برسي كه رآه سخت مخوف است ومنزلت بس دور ببين كه چند فراز ونشيب در رآه است زآستان عدم تابه بيشكاه نشور تورا مسافت دور دراز دربيش است بدين دور روزه إقامت چرا شوي مغرور