بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد:
فإن علم الأخلاق هو: العلم الباحث في محاسن الأخلاق ومساوئها، والحث على التحلي بالأولى والتخلي عن الثانية.
ويحتل هذا العلم مكانة مرموقة، ومحلا رفيعا بين العلوم، لشرف موضوعه، وسمو غايته.
فهو نظامها، وواسطة عقدها، ورمز فضائلها، ومظهر جمالها، إذ العلوم بأسرها منوطة بالخلق الكريم، تزدان بجماله، وتحلو بآدابه، فإن خلت منه غدت هزيلة شوهاء، تثير السخط والتقزز.
ولا بدع فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الانسان معاني الانسانية الرفيعة، وتحيطه بهالة وضاءة من الجمال والكمال، وشرف النفس والضمير، وسمو العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة، وتحطه إلى سوي الهمج والوحوش.
وليس أثر الأخلاق مقصورا على الأفراد فحسب، بل يسري إلى الأمم والشعوب، حيث تعكس الأخلاق حياتها وخصائصها ومبلغ رقيها، أو تخلفها في مضمار الأمم.
وقد زخر التاريخ بأحداث وعبر دلت على أن فساد الأخلاق وتفسخها كان معولا هداما في تقويض صروح الحضارات، وانهيار كثير من الدول والممالك: