كم روى العسكر الذي ليس يحصى * حيث حر الربى يذيب حصاها وأعاد الشمس المنيرة قسرا * بعدما عاد ليلها يغشاها وأظلت عليه من كلل السحب * ظلال وقته من رمضاها واخضر العصى بيمنى يديه * كاخضرار الآمال من يسراها وكلام الصخر الأصم لديه * معجز بالهدى الإلهي فاها وسمت باسمه سفينة نوح * فاستقرت به على مجراها وبه نال خلة الله إبراهيم * والنار باسمه أطفاها وبسر سرى له في ابن عمران * أطاعت تلك اليمين عصاها وبه سخر المقابر عيسى * فأجابت نداءه موتاها وهو سر السجود في الملأ * الأعلى ولولاه لم تعفر جباها وهو الآية المحيطة في الكون * ففي عين كل شئ تراها الفريد الذي مفاتيح علم * الواحد الفرد غيره ما حواها هو طاوس روضة الملك بل * ناموسها الأكبر الذي يرعاها وهو الجوهر المجرد منه * كل نفس مليكها زكاها لم تكن هذه العناصر إلا * من هيولاه حيث كان أباها من يلج في جنان جدوى يديه * يجد الحور من أقل إماها ما حباه الله الشفاعة إلا * لكنوز من جاهه زكاها ما رأت وجهه الغمامة إلا * وأراقت منه حياء حياها ثق بمعروفه تجده زعيما * بنجاة العصاة يوم لقاها كيف تطمى حشى المحبين منه * وهو من كوثر الوداد سقاها
(١٢٣)