السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٢١٢
أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ونقل الإمام السبكي عن الشيخ تاج الدين بن عطاء الله فإنه كان يحضر مجلس وعظه أن قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي كان خطابا لم يأتي بعده من أمته لأنه صلى الله عليه وسلم كان له تجليات فرأى في بعضها سائر أمته الآتين من بعده فقال خطابا لهم لا تسبوا أصحابي وارتضى منه هذا التأويل ا ه فالنهي والخطاب لا تسبوا أصحابي لغير الصحابة تنزيلا للغائب الذي لم يوجد منزلة الموجود الحاضر وفيه أن هذا لا يساعد عليه المقام وفي الحديث من التنويه برفعة الصحابة وعلو منزلتهم ما يقطع الأطماع عن مداناتهم فإن كون ثواب إنفاق جبل أحد ذهبا في وجه الخير لا يبلغ ثواب التصدق بنصف المد الذي إذا طحن وعجن لا يبلغ الرغيف المعتاد أمرعظيم أقول ووقع لخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه نظير ذلك في زمن خلافة الصديق فإن العرب لما ارتدت بعد موته صلى الله عليه وسلم عين خالد لقتال أهل الردة وكان من جملتهم مالك بن نويرة فأسره خالد هو وأصحابه وكان الزمن شديد البرد فنادى منادي خالد أن ادفنوا أسراكم فظن القوم أنه أراد ادفنوا أسراكم أي اقتلوهم فقتلوهم وقتل مالك بن نويرة فلما سمع خالد بن ذلك قال إذا أراد الله أمرأ أمضاه وتزوج خالد رضي الله تعالى عنه زوجه مالك بن نويرة وكانت من أجمل النساء ويقال إن خالدا استدعى مالك بن نويرة وقال له كيف ترتد عن الإسلام وتمنع الزكاة ألم تعلم أن الزكاة قرينة الصلاة فقال كان صاحبكم يزعم ذلك فقال له هو صاحبنا وليس هو بصاحبك يا ضرارا اضرب عنقه وأمر برأسه فجعل ثالث حجرين جعل عليها قدر يطبخ فيه لحم فعل ذلك إرجافا لأهل الردة فلما بلغ سيدنا عمر ذلك قال للصديق رضي الله تعالى عنهما اعزله فإن في سيفه رهقا كيف يقتل مالكا ويأخذ زوجته فقال الصديق رضي الله تعالى عنه لا أغمد سيفا سله على الكافرين والمنافقين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على الكافرين والمنافقين وقال الصديق رضي الله تعالى عنه في حق خالد عجزت النساء أن يلدن مثل خالد بن الوليد وفي كلام السهيلي انه روى عن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي بكر الصديق إن في سيف خالد رهقا فاقتله وذلك حين قتل مالك بن نويرة وجعل رأسه تحت قدر حتى
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»