السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٦
ويقال إن شجاع بن وهب أرسل إلى الحارث وإلى جبلة بن الأيهم وان شجاعا قاله له يا جبلة إن قومك نقلوا هذا النبي من داره إلى دارهم يعني الأنصار فآووه ومنعوه ونصروه وإن هذا الدين الذي أنت عليه ليس بدين آبائك ولكنك ملكت الشام وجاورت الروم ولو جاورت كسرى دنت بدين الفرس فإن أسلمت أطاعتك الشام وهابتك الروم وإن لم يفعلوا كانت لهم الدنيا وكانت لك الآخرة وقد كنت استبدلت المساجد بالبيع والأذان بالناقوس والجمع بالشعانين وكان ما عند الله خير وأبقى قال جبلة إني والله لوددت أن الناس اجتمعوا على هذا النبي اجتماعهم على من خلق السماوات والأرض وقد سرني اجتماع قومي له وقد دعاني قيصر إلى قتال أصحابه يوم مؤتة فأبيت عليه ولكني لست أرى حقا ولا باطلا وسأنظر وفي كلام بعضهم أنه أسلم ورد جواب كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمه بإسلامه وأرسل الهدية وكان ثابتا على إسلامه لزمن عمر رضي الله عنه فإنه حج في خلافته أي وفي كلام بعضهم لما أسلم جبلة بن الأيهم في أيام عمر رضي الله عنه وكتب اليه يخبره بإسلامه ويستأذنه في القدوم عليه فسر عمر بذلك وأذن له فخرج في خمسين ومائتين من أهل بيته حتى إذا قارب المدينة عمد إلى أصحابة ه فحملهم على الخيل وقلدها بقلائد الذهب والفضة وألبسها الديباج وسرف الحرير ووضع تاجه على رأسه فلم تبق بكر ولا عانس إلا خرجت تنظر إليه وإلى وزيه وزينته فلما دخل على عمر رضي الله تعالى عنه رحب به وأدنى مجلسه وأقام بالمدينة مكرما فخرج عمر رضي الله تعالى عنه حاجا فخرج معه وحين تطوف بالبيت وطئ رجل من فزارة إزاره فانحل فلطم الفزاري لطمة هشم بها أنفه وكسر ثناياه أي ويقال فقأ عينه فشكا الفزاري ذلك إلى عمر رضي الله عنه فاستدعاه وقال له لم هشمت أنفه أو قال لم فقأت عينه فقال يا أمير المؤمنين تعمد حل إزراي ولولا حرمة البيت لضربت عنقه بالسيف فقال له عمر أما أنت فقد أقررت إما أن ترضيه وإلا أقدته منك وفي رواية وحكم إما بالعفو أو بالقصاص فقال جبلة فتصنع بي ماذا قال مثل ما صنعت به وفي رواية أتقتص له مني سواء وأنا ملك وهذا سوقي فقال له عمر رضي الله تعالى عنه الإسلام سوى بينكما ولا فضل لك عليه إلا بالتقوى إن كنت أنا وهذا الرجل سواء في الدين فأنا اتنصر فإني كنت
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»