السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٥
قال شجاع رضي الله تعالى عنه فخرجت حتى انتهيت إلى بابه فأقمت يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه إني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وجعل حاجبه يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول إني قرأت في الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه فكنت أراه أي أظنه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ أي وهو ورق أو ثمر السلم فأنا أومن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني فكان هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر فخرج الحارث يوما وجلس على رأسه التاج وأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به ثم قال من ينزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان في باليمن جئته علي بالناس فلم يزل جالسا يعرض عليه حتى الليل وأمر بالخيل أن تنعل ثم قال لي أخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبره الخبر وصادف أن كان عند قيصر دحية الكلبي رضي الله عنه بعثه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه أن لا تسر إليه واله عنه أي لا تذكره واشتغل بايلياء أبي بيت المقدس ومعنى إيلياء بالعبرانية بيت الله والمراد باشتغاله بذلك أن يهيء لقيصر الإنزال ببيت المقدس فإنه نذر المشي من حمص وقيل من قسطنطينية إلى بيت المقدس ماشيا شكرا لله تعالى حيث كشف عنه جنود فارس وأظهر الله تعالى الروم على فارس ففرشوا له بسطا ونثروا عليها الرياحين وهوم يمشي عليها حتى بلغ بيت المقدس فجاء إليه كتاب قيصر أي الذي فيه أنه يلهو عنه ولا يذكره وأنا مقيم فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غدا فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ووصلني حاجبه بنفقة وكسوة وقال لي ذلك الحاجب اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام وأخبره أني متبع دينه قال شجاع فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما كان من الحارث قال با أي هلك ملكه وأقرأته السلام من الحاجب وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق وفي كلام بعضهم وبعض أهل السير على أن الحارث أسلم ولكن قال أخاف أن أظهر إسلامي فيقتلني قيصر وذكر أبن هشام وغيره ان شجاع بن وهب إنما توجه إلى جبلة ابن الأيهم
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»