قصر عظيم فأغلق أبوابه وأمر مناديا ينادي ألا أن هرقل قد آمن بمحمد واتبعه فدخلت الأجناد في سلاحها وطافت بصره تريد قتله فأرسل إليهم إني أردت اختبار صلابتكم في دينكم فقد رضيت فرضوا عنه والذي في البخاري أن قيصر لما سار إلى حمص أذن لعظماء الروم في دسكرة له ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتايعوا هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحس إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت فلما رأى قيصر نفرتهم وأيس من الإيمان منهم أي وقالوا له أتدعونا أن نترك النصرانية ونصير عبيدا لأعرابي فقال ردوهم علي وقال إني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على شدتكم على دينكم فقد رايت فسجدوا له ورضوا عنه وعند ذلك كتب كتابا وأرسله مع دحية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه إني مسلم ولكنني مغلوب وأرسل بهدية لما قرىء عليه صلى الله عليه وسلم الكتاب قال كذب عدو الله ليس بمسلم وقبل صلى الله عليه وسلم هديته وقسمها بين المسلمين ومصداق قوله صلى الله عليه وسلم أن قيصر بعد هذه القصة بدون سنتين قاتل المسلمين بغزوة مؤتة وفي صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أيضا من تبوك يدعوه وأنه قارب للإجابة ولم يجب وفي مسند الإمام أحمد أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم إني مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذب إنه على نصرانيته وفي لفظ كذب عدو الله والله إنه ليس بمسلم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله فعلى هذا إطلاق صاحب الاستيعاب أنه آمن أي أظهر التصديق لكنه لم يستمر عليه ولم يعلم بمقتضاه بل شح بملكه وآثر العافية على العاقبة لعنه الله عليه أي لأنه تحقق كفره أي وقد ذكر حامل كتابه إليه صلى الله عليه وسلم قال جئت تبوك فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيا فقلت أين صاحبكم قيل هو هذا فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال من أنت قلت أنا أحد تنوخ قال هل لك في الإسلام دين الحنيفية ملة إبراهيم قلت إني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال * (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) * فلما فرغ من قراءة كتابي قال إن لك حقا وإنك رسول فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها إنا قوم سفر
(٢٩٠)