السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
فقال صلى الله عليه وسلم دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه ولما اشرف على ذلك المنزل ونظره شخص يمشي فقال يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله ابا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده وكان كما قال صلى الله عليه وسلم إنه يموت وحده فقد مات رضي الله عنه وحده بالربذة لما أخرجه عثمان رضي الله عنه إليها اي فإنه بعد موت أبي بكر رضي الله عنه خرج من المدينة إلى الشام فلما ولي عثمان رضي الله عنه شكاه معاوية رضي الله عنه اليه فإنه كان يغلظ على معاوية في بعض أمور تقع منه فاستدعاه عثمان رضي الله عنه من الشام ثم أسكنه بالربذة ولم يكن معه الا امرأته وغلامه فوصاهما عند موته ان غسلاني وكفنانني ثم اجعلاني على قارعة الطريق فأول من يمر بكم قولا له هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعينوناعلى دفنه فلما مات رضي الله عنه الله عنه فعلا به ذلك وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق فوجدوا الجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطؤها فقام إليهم الغلام وقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه فاستهل عبد الله ابن مسعود يبكي ويقول صدق رسول الله تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فوارواه ثم حدثهم عبد الله بن مسعود خبره أي وفي الحدائق عن أم ذر قالت لما حضرت ابا ذر الوفاة بكيت فقال ما يبكيك قلت ومالي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا بد لنا من معين على دفنك وليس معنا ثوب يسعك كفنا فقال لا تبكي وابشري فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد الا وقد مات في قرية وإني أنا الذي أموت بالفلاة والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبت وفي رواية ما كذبت ولا كذبت فانظري الطريق فقالت قد ذهب الحاج وتقعطت السبل فقال انظري فقالت كنت اشتد إلى الكثيب فأقوم عليه ثم ارجع اليه فأمرضه فبينما أنا كذلك إذا أنا برجال على
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»