أقول ومن أغرب ما وقع في بدء الآذان ما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل إن جبريل نادى بالأذان لآدم حين اهبط من الجنة وقد سئل الحافظ السيوطي هل ورد أن بلالا أو غيره أذن بمكة قبل الهجرة فأجاب بقوله ورد ذلك بأسانيد ضعيفة لا يعتمد عليها والمشهور الذي صححه أكثر العلماء ودلت عليه الأحاديث الصحيحة أن الأذان انما شرع بعد الهجرة وأنه لم يؤذن قبلها لا بلال ولا غيره وذكر في الدر في قوله تعالى * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا) * أنها نزلت بمكة في شأن المؤذنين والآذان إنما شرع في المدينة فهي مما تأخر حكمه عن نزوله هذا كلامه وفي كلام الحافظ ابن حجر ما يوافقه حيث ذكر أن الحق أنه لا يصح شيء من الأحاديث الدالة على أن الآذان شرع بمكة قبل الهجرة وذكر ما تقدم عن ابن المنذر من أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من غير أذن منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أن هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وإلى أن وقع التشاور في ذلك أي فقد ائتمر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه كيف يجمع الناس فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رآها الناس آذن أي أعلم بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك فذكر له بوق يهود أي ويقال له الشبور بفتح الشين المعجمة ثم موحدة مشددة مضمومة ثم واو ساكنة ثم راء ويقال له القبع بضم القاف وإسكان الموحدة وقيل بفتحها وقيل بإسكان النون وبالعين المهملة قال السهيلي وهو أولى بالصواب وقيل بالمثناة فوق وقيل بالمثلثة وهو القرآن الذي يدعون به لصلاتهم أي يجتمعون لها عند سماع صوته فكرهه صلى الله عليه وسلم وقال هو من أمر اليهود فذكر له الناقوس الذي يدعون به النصارى لصلاتهم فقال هو من أمرالنصارى أي فقالوا لو رفعنا نارا أي فإذا رآها الناس اقبلوا إلى الصلاة فقال ذلك للمجوس وقيل كما في حديث الشيخين عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنهما قال أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة أي بحضروها أي ففعلوا ذلك وكان المنادي هو بلال رضي الله تعالى عنه قال الحافظ ابن حجر وكان اللفظ الذي ينادي به بلال أي قبل رؤيا عبد الله الصلاة جامعة كما رواه ابن سعد وسعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب مرسلا وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قال لقد هممت أن أبث رجالا ينادون الناس بحين
(٢٩٧)