السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٥
من صلاة العشاء الآخرة وتارة في الركعة الأخيرة من الصبح أو كان يدعو بذلك فيهما وكل روى بحسب ما رأى والله أعلم ثم لا زال المهاجرون الأنصار يتوارثون بذلك الإخاء دون القرابات إلى أن نزل قوله تعالى في وقعة بدر * (وأولو الأرحام) * أي القرابات * (بعضهم أولى ببعض) * أي في الإرث * (في كتاب الله) * أي اللوح المحفوظ فنسخت ذلك أي لأنه كان الغرض من المؤاخاة ذهاب وحشة الغربة ومفارقة الأهل والعشيرة وشد أزر بعضهم ببعض فلما عز الإسلام واجتمع الشمل وذهبت الوحشة بطل التوارث ورجع كل إنسان إلى نسبه وذوي رحمه أي ومن ثم قيل لزيد بن حارثة زيد بن حارثة أي بعد أن كان يقال له زيد بن محمد وكانت المؤاخاة بعد الهجرة بخسمة أشهر وقيل غير ذلك أقول تقدم ان سبب امتناع أن يقال زيد بن محمد نزول قوله تعالى * (ادعوهم لآبائهم) * أي ومن ثم قيل للمقداد بن عمرو وكان له المقدد بن الأسود لأن الأسود كان تبناه في الجاهلية ومن لم يعرف أبوه رد اليه مواليه ومن ثم قيل لسالم مولى أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بعد أن كان يقال له سالم بن أبي حذيفة فكا أبو حذيفة يرى أنه ابنه ومن ثم انكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة وجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو امرأة أبي حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنا كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل على وقد بلغ ما يبلغ الرجال وإنه يدخل علي وأظن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا فماذا ترى فيه فقال ارضعيه تحرمي وعن اسلم زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لعائشة ما ترى هذه إلا رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم وكان سالم رضي الله تعالى عنه يؤم المهاجرين الأولين في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وفي ينبوع الحياة كانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار توجب التوارث بينهم ثم نسخ ذلك قبل العمل به وأما قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت * (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) * فمعناه أنهم التزموا هذا الحكم ودانوا به ومن المشكل حينئذ ما نقل أن الحتات بضم الحاء وفتح المثناة فوق مخففة كان
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»