السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧١
وسأرسله إليكما الآن وهو سعد بن معاذ رضى الله تعالى عنه ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيدين بن حضير بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بنى حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك أي ينقضوا عهدك فقام سعد مغضبا مبادرا فأخذ الحربة من يده وقال والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما ولما أقبل سعد قال أسعد لمصعب لقد جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشمتا ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت منى هذا هذا يغشانا في دارنا بما نكره فقال له مصعب أو تقعد تسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهت عزلنا عنك ما تكره فقال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وعرض عليه القرآن فقال لهما كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين فقال تغتسل وتتطهر وتطهر ثوبك ثم تشهد شهادة الحق ثم تركع ركعتين فقام سعد فاغتسل وطهر ثوبه ثم شهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادى قومه ومعه أي مع ذلك النادي أسيد بن حضير فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال يا بنى عبد الأشهل كيف تعلمون أمرى فيكم قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا وأبركنا نقيبة أي نفسا وأمرا قال فإن كلام رجالكم ونسائكم على حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما أمسى في دارى أي قبيلة بنى عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة فأسلموا في يوم واحد كلهم وكان ذلك بعد العقبة الأولى وقبل العقبة الثانية إلا ما كان من الأصيرم وهو عمرو بن ثابت من بنى عبد الأشهل فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد فأسلم واستشهد ولم يسجد لله سجدة وأخبره صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة أي وفى كلام ابن الجوزي أول دار أي قبيلة أسلمت من دور الأنصار دار بنى عبد الأشهل ثم رجع مصعب إلى دار أسعد بن زرارة رضى الله تعالى عنه فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا فيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»