السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
من سكان عوالي المدينة أي قراها من جهة نجد قال وفى كلام بعضهم إلا جماعة من الأوس بن حارثة وذلك أنه كان فيهم أبو قيس وهو صيفي بن الأسلت وكان شاعرا لهم يسمعون منه ويطيعونه لأنه كان قوالا بالحق معظما وقد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح واغتسل من الجنابة ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا وقال اعبد إله إبراهيم لا يدخل فيه حائض ولا جنب فوقف بهم عن الإسلام فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر واحد والخندق فاسلم وحسن إسلامه وهو شيخ كبير اه أي سبب تأخر إسلامه ما ذكره بعضهم أنه لما أراد الإسلام عند قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة لقيه أبى ابن سلول وكلمه بما أغضبه ونفره عن الإسلام وقال أبو قيس لا أتبعه إلا آخر الناس فلما احتضر أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قل لا إله إلا بالله أشفع لك بها فقالها وهم ابنه أن ينكح امرأة أبيه أي على ما هو عادة الجاهلية أي وكان ذلك في المدينة حتى في أول الإسلام أن أكبر أولاد الرجل يخلفه على زوجته بعد موته فنزل التحريم أي قوله تعالى * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) * وتقدم الكلام على سبب نزول هذه الآية مستوفى ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة مع من خرج من المسلمين من الأنصار إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة أي وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمن أسلم فسر بذلك وعن كعب بن مالك قال خرجنا في حجاج قومنا من المشركين ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا والبراء بالمد لغة آخر ليلة من الشهر سمى بذلك لأنه ولد فيها ومعرور معناه لغة مقصود فلما خرجنا من المدينة قال البراء لنا إني قد رأيت رأيا ما أدرى أتوافقونى عليه أم لا قال قلنا وما ذاك قال رأيت أن لا أدع هذه البنية أي بفتح الموحدة وكسر النون وتشديد المثناة تحت المفتوحة ثم تاء التأنيث على وزن فعيلة يعنى الكعبة منى بظهر وأن أصلى إليها قال قلنا والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلى إلا إلى الشام يعنون بيت المقدس أي صخرته وما نريد أن نخالفه قال فقال إني أصلى إليها قال فقلنا له لكنا لا نفعل قال فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام يعنى بيت المقدس أي واستدبرنا الكعبة وصلى إلى الكعبة أي مستديرا للشام حتى قدمنا مكة وقد كنا عبنا عليه ذلك وأبى إلاقامة على ذلك فلما قدمنا مكة
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»