السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦١٠
يبكيان وأهل الدار يبكون فاستأذنت على امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي وسمعت من بعض الشيوخ أن هرة كانت بالبيت جالسة تبكي أيضا فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل وقد لبث صلى الله عليه وسلم شهرا لا يوحى إليه في شأني فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تعالى تاب الله عليه قال بعضهم دعاها إلى الاعتراف ولم يأمرها بالستر أي مع أنه المطلوب ممن أتى ذنبا لم يطلع عليه وفي لفظ قال يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتق الله فإن كنت قارفت أي اكتسبت سوءا مما يقول الناس فتوبي إلى الله تعالى فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عبادة قالت فلما قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي أي ارتفع حتى ما أحسن منه بقطرة فقلت لأبي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قال فوالله لا أدري ما قول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي لفظ قلت لأبوي ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا والله لا ندري بماذا نجيبه فقلت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في نفوسكم فلئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم إني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني فوالله لا أجد لي ولكم وفي لفظ لا أجد لي مثلا إلا أقول أبى يوسف عليهما السلام أي والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه إذ يقول * (فصبر جميل والله المستعان) * أي وفي رواية كما في البخاري مثل ومثلكم كيعقوب وبنيه * (والله المستعان على ما تصفون) * وفي لفظ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وبذلك أستدل على جواز ضرب المثل من القرآن أيضا ثم تحولت فاضحجعت على فراشي ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحيا يتلى وفي لفظ قرآنا يقرأ به في المسجد ويصلي به ولشأني في نفسي
(٦١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 ... » »»