السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٩
وأبا بكر فوق يقرأ فقالت أمي ما جاء بك فأخبرتها فذهابها إلى أبويها كما علمت كان بعد أن صحت من المرض وبعد إخبار أم مسطح لها بالقصة والذي في السيرة الهشامية يفيد أنه كان قبل ذلك وهو أنها رضي الله عنها قالت كان صلى الله عليه وسلم كلما يدخل يقول كيف تيكم لا يزيد على ذلك حتى وجدته في نفسي فقلت يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لو أذنت لي قال لا عليك قالت فانتقلت إلى أمي تمرضني ولا علم لي بشيء مما كان حتى نفهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة وكنا قوما عربا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم أي بيوت الأخلية نعافها ونكرهها إنما نذهب في فسح المدينة فخرجت ليلة ومعي أم مسطح بنت خالة أبي بكر إذ عثرت في مرطها فقالت تعس مسطح قلت بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين وقد شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر يا ابنة أبى بكر قلت وما الخبر فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك قلت أو قد كان هذا قالت نعم والله لقد كان فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت فوالله ما وزلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي فليتأمل الجمع بين ما في السيرة الهشامية وما في غيرها على تقدير صحتهما قالت وقلت لأمي يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به لا تذكرين لي من ذلك شيئا الحديث وفي رواية فقلت لأمي يا أماه ما يتحدث الناس وفي لفظ قلت لأمي يغفر الله لك تحث الناس بما تحدثوا الآ تذكرين لي من ذلك شيئا قالت يا بنية هوني عليك وفي لفظ خفضي عليك الشأن فوالله لقلما ما كانت امرأة قط وضيئة أي جميلة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها أي القول في تنقيصها وفيه أن ضرائرها أمهات المؤمنين لم يكن السبب في إشاعة ذلك ولم ينقصها به إلا أن يقال ظنت أمها ذلك على ما هو العادة في ذلك وعند ذلك قالت فقلت سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا أي وقلت قد علم به أبي قالت نعم قلت ورسول الله قالت نعم فاستعبرت وبكيت فسمع أبو بكر صوتي فنزل فقال لأمي ما شأنها فقالت بلغها الذي ذكر من شأنها فقاضت عيناه فبكيت تلك الليلة حت أصبحت لا يرفأ لي دمع أي يرتفع ولا اكتحلت بنوم في الليلة الثانية كذلك ولما أصبحت أصبح أبواي عندي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي أي وهما
(٦٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 604 605 606 607 608 609 610 611 612 613 614 ... » »»