السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٣
لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله فنص عليه وحينئذ قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ففيه إشارة إلى أن باطن الامر قد يكون بخلاف ظاهره وقال صلى الله عليه وسلم إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر أي وقد أشار إلى هذا الإمام السبكي رحمه الله تعالى في تائيته بقوله * وقلت لشخص يدعي الدين إنه * بنار فالقى نفسه للمنية * هذا وفي كلام ابن الجوزي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة فقيل يا رسول الله الرجل الذي قلت إنه من أهل النار فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما قال إلى النار ثم قيل إنه لم يمت ولكن به جراحة شديدة فلما كان من الليل لم يصبر على الجراحة فقتل نفسه فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله فأمر بلالا فنادى في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلم وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وهذا الرجل اسمه قزمان من المنافقين هذا كلامه فليتأمل فإن تعدد الشخص بهذا الاسم فيه بعد ولعل ذكر خيبر بدل أحد اشتباه من الراوي وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر عام فيدخل فيه كل من الملك والعالم الذي جعل تسليكه وتعليمه مصيدة للدنيا وأكل الحرام فإن الله يحيي بهما قلوبا ويهدي بهما إلى سواء السبيل مع أنهما فاجران وقتل الأصيرم أصيرم بني عبد الأشهل قال بعضهم كان الأصيرم يأبى الإسلام على قومه بني عبد الأشهل فلما كان يوم خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد جاء إلى المدينة فسأل عن قومه فقيل له بأحد فبدا له في الإسلام أي رغب فيه فأسلم ثم أخذ سيفه ورمحه ولأمته وركب فرسه فغدا بالغين المعجمة حتى دخل في عرض الناس أي بضم العين المهملة وبالضاء المعجمة جانبهم وناحيتهم فقاتل حتى أثبتته الجراحة أصابت مقاتله فبينما رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به فقالوا والله إن هذا الأصيرم فسألوه ما جاء بك مناصرة لقومك أم رغبة في الإسلام
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»