ولما أصاب قريشا يوم بدر ما أصابها مشى عبد الله بن أبي ربيعه وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية رضي الله تعالى عنهم فإنهم أسلموا بعد ذلك ورجال آخر من أشراف قريش إلى أبي سفيان رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك أيضا وإلى من كان له تجارة في تلك العير أي التي كان سببها وقعة بدر وكانت تلك العير موقوفة في دار الندوة لم تعط لأربابها فقالوا إن محمدا قد وتركم أي قتل رجالكم ولم تدركوا دمائهم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا عمن أصاب منا أي وقالوا نحن طيبو النفوس أن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد فقال أبو سفيان وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي فجعلوا لذلك ربح المال فسلم لأهل العير رؤوس أموالهم وكانت خمسين ألف دينار وأخرجوا أرباحها وكان الربح لكل دينار دينارا أي فكان الذي أخرج خمسين ألف دينار وقيل أخرجوا خمسة وعشرين ألف دينار وأنزل الله تعالى في تلك * (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) * وتجهزت قريش ومن والاهم من قبائل كنانة وتهامة وقال صفوان بن أمية لأبي عزة يا أبا عزة إنك رجل شاعر فأعنا بلسانك ولك علي ان رجعت أن أغنيك وإن أصبت أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر فقال ان محمدا قد من علي أي وأخذ على أن لا أظاهر عليه أحدا حين أطلقني وأنا أسير في أسارى بدر فلا أريد أن ظاهر عليه قال بلى فأعنا بلسانك فخرج أبو عزة ومسافع يستنقران الناس بأشعارهما فأما مسافع فلا يعلم له إسلام لكن في كلام ابن عبد البر مسافع بن عياض بن صخر القرشي التيمي له صحبة وكان شاعرا لم يرو شيئا ولا أدري هل هو هذا أو غيره وأما أبو عزة فظفر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الوقعة بحمراء الأسد أي المكان المعروف الآتي بيانه قريبا وتقدم استطراد ثم أمر صلى الله عليه وسلم عاصم بن ثابت فضرب عنقه وحملت رأسه إلى المدينة كما سيأتي وتقدم استطرادا ودعا جبير بن مطعم بن عدي رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك غلاما له حبشيا يقال له وحشي رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك وكان يقذف بحربة له قذف الحبشة قلما يخطئ بها فقال له اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بن طعيمة
(٤٨٨)