السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٦
ومما يدل على أن خروجه من قباء كان يوم الجمعة قول بعضهم ولبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بنى عمرو بن عوف أي في قباء بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وخرج يوم الجمعة وقيل لبث بضع عشرة ليلة وهو المنقول عن البخاري وعن ابن عقبة أقام صلى الله عليه وسلم ثنتين وعشرين ليلة وفى الهدى أقام أربعة عشر يوما وهو ما في صحيح مسلم فليتأمل وأسس في قباء المسجد الذي أسس على التقوى أي الذي نزلت فيه الآية وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهدى ولا ينافي هذا قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال مسجدكم هذا وأشار لمسجد المدينة أي وفى رواية فأخذ حصاة فضرب بها الأرض وقال مسجدكم هذا يعنى مسجد المدينة لأن كلا منهما مؤسس على التقوى هذا كلامه ويوافقه ما نقل عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه كان يرى كل مسجد بنى بالمدينة الشاملة لقباء أسس على التقوى أي لكن الذي نزلت فيه الآية مسجد قباء وكان خروجه صلى الله عليه وسلم من قباء يوم الجمعة حين ارتفع النهار قال قيل وكان محل مسجد قباء مربد أي محلا يجفف فيه التمر لكلثوم بن الهدم وهو أول مسجد بنى في الإسلام لعموم المسلمين فلا ينافي أنه بنى قبله غيره من المساجد لكن لخصوص الذي بناه كالمسجد الذي بناه الصديق بفناء داره بمكة كما تقدم انتهى أي وفى كلام ابن الجوزي أول من بنى مسجدا في الإسلام عمار بن ياسر وفى السيرة الهشامية عن الحكم بن عيينة لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قباء قال عمار بن ياسر ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بد من أن يجعل له مكانا يستظل به إذا استيقظ ويصلى فيه فجمع حجارة فبنى مسجد قباء أي فإنه لما جمع الحجارة أسسه صلى الله عليه وسلم واستتم بنيانه عمار فعمار أول من بنى مسجدا لعموم المسلمين قال وعن جابر لبثنا بالمدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين نعمر المساجد ونقيم الصلاة انتهى ونعمر يحتمل أن يكون بالتخفيف فيكون عطف نقيم الصلاة من عطف التفسير ويحتمل أن يكون بالتشديد فيكون بناء المساجد تعدد في المدينة قبل قدومه صلى الله عليه وسلم وفيه أن الحافظ ابن حجر قال كان بين ابتداء هجرة الصحابة وبين هجرته صلى الله
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»