خلف النبي صلى الله عليه وسلم يخلج بأنفه وفمه يسخر به فاطلع عليه صلى الله عليه وسلم فقال له كن كذلك فكان كذلك إلى أن مات قال ابن عبد البر وكان من المستهزئين الذين قال الله تعالى فيهم * (إنا كفيناك المستهزئين) * أبو جهل وأبو لهب وعقبة بن أي معيط والحكم بن العاص بن أمية وهو والد مروان بن الحكم عم عثمان بن عفان والعاص بن وائل فمن استهزاء أبي جهل ما تقدم ومن استهزاء أبي لهب به صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرح القذر على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ومر يوما من الأيام فرآه أخوه حمزة رضي الله تعالى عنه قد فعل ذلك فأخذه وطرحه على رأسه فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول صابئ أحمق ومن استهزاء عقبة بن أبي معيط به صلى الله عليه وسلم أنه كان يلقى القذر أيضا على بابه صلى الله عليه وسلم كما تقدم وقد قال صلى الله عليه وسلم كنت بين شر جارين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط إن كانا يأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي كما تقدم ومن استهزائه أنه بصق في وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعاد بصاقه على وجهه وصار برصا أي فإنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر مجالسة عقبة بن أبي معيط فقدم عقبة يوما من سفر فصنع طعاما ودعا الناس من أشراف قريش ودعا النبي صلى الله عليه وسلم فلما قرب إليهم الطعام أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل فقال ما أنا بآكل طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله فقال عقبة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله فأكل صلى الله عليه وسلم من طعامه وانصرف الناس وكان عقبة صديقا لأبي بن خلف فأخبر الناس أبيا بمقالة عقبة فأتى إليه وقال يا عقبة صبوت قال والله ما صبوت ولكن دخل منزلي رجل شريف فأبى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له فطعم والشهادة ليست في نفسي فقال له أبي وجهي ووجهك حرام إن لقيت محمدا فلم تطأه وتبزق في وجهه وتلطم عينه فقال له عقبة لك ذلك ثم إن عقبة لقى النبي صلى الله عليه وسلم ففعل به ذلك قال الضحاك لما بزق عقبة لم تصل البزقة إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وصلت إلى وجهه هو كشهاب نار فاحترق مكانها وكان أثر الحرق في وجهه إلى الموت وحينئذ يكون المراد بقوله فيما تقدم فعاد بصاقه برصا في وجهه أي صار
(٥٠٨)