السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٩٧
أن يصبح لهم الصفا ذهبا فإن لم يؤمنوا أنزلت عليهم العذاب عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت لا تصير الصفا ذهبا وفتحت لهم باب الرحمة والتوبة فقال لا بل أن تفتح لهم باب الرحمة والتوبة وفي رواية وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم فقال صلى الله عليه وسلم بل حتى يتوب تائبهم وأيضا وافق على فتح باب الرحمة والتوبة لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن سؤالهم لذلك جهل لأنه خفيت عليهم حكمة إرسال الرسل وهي امتحان الخلق وتعبدهم بتصديق الرسل ليكون إيمانهم عن نظر واستدلال فيحصل الثواب لمن فعل ذلك ويحصل العقاب لمن أعرض عنه إذ مع كشف الغطاء يحصل العلم الضروري فلا يحتاج إلى إرسال الرسل ويفوت الإيمان بالغيب وأيضا لو يسألوا من تلك الآيات إلا تعنتا وإستهزاء لا على جهة الإسترشاد ودفع الشك وإلى سؤالهم تلك الآيات وإرتيابهم في القرآن وقولهم فيه إنه سحر وافتراء أي سحر يأثره أي يأخذه عن مثله وعن أهل بابل يفرق به بين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته * (إن هذا إلا قول البشر) * من قول أبي اليسر وهوعبد لبني الحضرمي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجالسه وإلى قول أبي جهل أيضا تزاحمنا نحن وبنو عبد المطلب الشرف حتى صرنا كفرسى رهان قالوا منا نبي يوحى إليه والله لا نرضى به ولا نتبعه أبدا إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه فنزل قوله تعالى * (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله) * وإلى هذا أشار صاحب الهمزية بقوله * عجبا للكفار زادوا ضلالا * بالذي فيه للعقول اهتداء * والذي يسألون منه كتاب * منزل قد أتاهم وإرتقاء * أي أعجب عجبا من حال الكفار حالة كونهم زادوا ضلالا بالقرآن الذي فيه إهتداء للعقول وأعجب عجبا أيضا من الأمر الذي يطلبونه منه صلى الله عليه وسلم وهو كثير من جملته كتاب منزل معه عليهم من السماء وهو القرآن * أو لم يكفهم من الله ذكر * فيه للناس رحمة وشفاء * أعجز الإنس آية منه والجن * فهلا يأتي به البلغاء * كل يوم يهدى إلى سامعيه * معجزات من لفظه القراء * تتحلى به المسامع والأفواه * فهو الحلى والحلواء *
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»