وقيصر أي لأن الصحابة كانوا متقشفين ثيابهم رثة وعيشهم خشن ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم أما كلمت اليوم من السماء يا محمد وما أشبه هذا القول وعد منهم الأسود بن عبد المطلب ومن استهزائه أنه كان هو وأصحابه يتغامزون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويصفرون إذا رأوهم وعد منهم النضر بن الحارث فهلك غالبهم قبيل الهجرة بضروب من البلاء أقول والذي ينبغي أن يكون المراد بالمستهزئين في الآية وهي * (إنا كفيناك المستهزئين) * الوليد بن المغيرة والد خالد وعم أبي جهل فإنه كان من عظماء قريش وكان في سعة من العيش ومكنة من السيادة كان يطعم الناس أيام منى حيسا وينهى أن توقد نار لأجل طعام غير ناره وينفق على الحاج نفقة واسعه وكان الأعراب تثنى عليه كانت له البساتين من مكة إلى الطائف وكان من جملتها بستان لا ينقطع نفعه شتاء ولا صيفا وببركته صلى الله عليه وسلم أصابته الجوائح والآفات في أمواله حتى ذهبت بأسرها ولم يبق له في أيام الحج ذكر وكان المقدم في قريش فصاحة وكان يقال له ريحانة قريش ويقال له الوحيد أي في الشرف والسودد والجاه والرياسة قال بعضهم بل هو وحيد في الكفر والخبث والعناد والعاص بن وائل والد عمرو بن العاص والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث والحارث بن عيطلة وفي لفظ ابن الطلاطلة في اللغة الداهية قال بعضهم وهو اشتباه لأن ابن الطلاطلة اسمه مالك لا حارث والحارث بن العيطلة كان أحد أشراف قريش في الجاهلية وإليه كانت الحكومة والأموال التي تجعل للآلهة وذكره ابن عبد البر في الصحابة قال في أسد الغابة لم أر أحدا ذكره في الصحابة إلا أبا عمرو يعني ابن عبد البر والصحيح أنه كان من المستهزئين وهؤلاء الخمسة هم الذين اقتصر عليهم القاضي البيضاوي لما يروى أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد أي يطوف بالبيت وقال له أمرت أن أكفيكهم فلما مر الوليد بن المغيرة قال له يا محمد كيف تجد هذا فقال بئس عبد الله فأومأ إلى ساق الوليد وقال كفيته ومر العاص بن وائل فقال كيف تجد هذا يا محمد قال عبد سوء فأشار إلى أخمصه وقال كفيته ثم مر الأسود بن المطلب فقال كيف تجد هذا يا محمد قال عبد سوء فأومأ إلى عينه وقال كفيته ثم مر الأسود بن عبد يغوث
(٥١٢)