السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٧٣
بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله تعالى عنه فأخذ بمنكبيه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث ولعل أشدية ذلك باعتبار ما بلغ عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أو ما رآه وعنه رضي الله تعالى عنه قال ما رأيت قريشا أصابت من عداوة أحد ما أصابت من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد حضرتهم يوما وقد اجتمع ساداتهم وكبراؤهم في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما صبرنا لأمر كصبرنا لأمر هذا الرجل قط ولقد سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر طائفا بالبيت فلما مر بهم لمزوه ببعض القول فعرفنا ذلك من وجهه ثم مر بهم الثانية فلمزوه بمثلها فعرفنا ذلك من وجهه ثم مر بهم الثالثة فلمزوه فوقف عليهم وقال أتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح فارتعبوا لكلمته صلى الله عليه وسلم تلك وما بقي رجل منهم إلا كأنما على رأسه طائرا واقع فصاروا يقولون يا أبا القاسم انصرف فوالله ما كنت جهولا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان الغد اجتمعوا في الحجر وأما معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا ناداكم بما تكرهون تركتموه فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به وهم يقولون أنت الذي تقول كذا وكذا يعني عيب آلهتم ودينهم فقال نعم أنا الذي أقول ذلك فأخذ رجل منهم بمجمع ردائه عليه الصلاة والسلام فقام أبو بكر دونه وهو يبكى ويقول * (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) * فأطلقه الرجل ووقعت الهيبة في قلوبهم فانصرفوا عنه فذلك أشد ما رأيتهم نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ألست تقول في آلهتنا كذا وكذا قال بلى فتشبثوا به بأجمعهم فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقيل له أدرك صاحبك فخرج أبو بكر حتى دخل المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مجتمعون عليه فقال ويلكم * (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) * فكفوا عن رسول الله صلى الله عليه
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 ... » »»