السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٧٤
وسلم وأقبلوا على أبي بكر يضربونه قالت بنته أسماء فرجع إلينا فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا أجابه وهو يقول تباركت يا ذا الجلال والإكرام وجاء أنهم جذبوا رأسه صلى الله عليه وسلم ولحيته حتى سقط أكثر شعره فقام أبو بكر دونه وهو يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله أي وهو يبكى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم يا أبا بكر فوالذي نفسي بيده إني بعثت إليهم بالذبح ففرجوا عنه صلى الله عليه وسلم وعن فاطمة رضي الله تعالى عنها قالت اجتمعت مشركو قريش في الحجر فقالوا إذا مر محمد فليضربه كل واحد منا ضربة فسمعت فدخلت على أبي فذكرت ذلك له أي قالت له وهي تبكي تركت الملأ من قريش قد تعاقدوا في الحجر فحلفوا باللات والعزى ومناة وإساف ونائلة إذا هم رأوك يقومون إليك فيضربونك بأسيافهم فيقتلونك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنية اسكتي وفي لفظ لا تبكي ثم خرج صلى الله عليه وسلم أي بعد أن توضأ فدخل عليهم المسجد فرفعوا رؤوسهم ثم نكسوا فاخذ قبضة من تراب فرمى بها نحوهم ثم قال شاهت الوجوه فما أصاب رجلا منهم إلا قتل ببدر أي وكان بجواره صلى الله عليه وسلم جماعة منهم أبو لهب والحكم بن أبي العاص ابن أمية والد مروان وعقبة بن أبي معيط فكانوا يطرحون عليه صلى الله عليه وسلم الأذى فإذا طرحوه عليه أخذه وخرج به ووقف على بابه ويقول يا بني عبد مناف أي جوار هذا ثم يلقيه في الطريق ولم يسلم ممن ذكر إلى الحكم وكان في إسلامه شيء وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم نفاه إلى وج الطائف وأنه سيأتي السبب في نفيه وأشار صاحب الهمزية إلى أن هذه الأذية له صلى الله عليه وسلم لا يظن ظان أنها منقصة له صلى الله عليه وسلم بل هي رفعة له ودليل على فخامة قدره وعلو مرتبته وعظيم رفعته ومكانته عند ربه لكثرة صبره وحلمه واحتماله مع علمه باستجابة دعائه ونفوذ كلمته عند الله تعالى وقد قال صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الأنبياء وذلك سنة من سنن النبيين السابقين عليهم الصلاة والسلام بقوله * لا تخل جانب النبي مضاما * حين مسته منهم الأسواء * كل أمر ناب النبيين فالشدة * فيه محمودة والرخاء * لو يسمى النضار هو من النا * ر لما اختير للنضار الصلاء *
(٤٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 469 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 ... » »»