* ثم قام النبي يدعو إلى الله * وفي الكفر شدة وإباء * أمما أشربت قلوبهم الكف * ر فداء الضلال فيهم عياء * أي ثم قام صلى الله عليه وسلم يدعو جماعتهم إلى الله تعالى بأن يقولوا لا إله إلا الله حسبما أمر فقدجاء أن جبريل تبدى له صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة وأطيب رائحة وقال يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك أنت رسول الله إلى الجن والإنس فادعهم إلى قول لا إله إلا الله فدعاهم والحال أن في أهل الكفر قوة تامة وإمتناعا عن اتباعه اختلط الكفر بقلوبهم وتمكن فيها حبه حتى صارت لا تقبل غيره وبسبب ذلك صار داء الضلال أي داء هو الضلال فيهم عضال يعيى الأطباء مداواته وحصول شفائه ثم شرى الأمر أي الشين المعجمة وكسر الراء وفتح المثناة تحت كثر وتزايد وانتشر بينهم وبينه حتى تباعد الرجال وتضاغنوا أي أضمروا العداوة والحقد وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وتذامروا عليه بالذال المعجمة وحض أي حث بعضهم بعضا على حربه وعداوته ومقاطعته ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد طلبنا منك أن تنهى ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا أي عقولنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بأن يخذل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله وأنه ضعف عن نصرته والقيام معه فقال له يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله تعالى أو أهلك فيه ما تركته ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي حصلت له العبرة التي هي دمع العين فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل يا ابن أخي فأقبل عليه فقال اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك وأنشد أبياتا منها * والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا * وحكمة تخصيص الشمس والقمر بالذكر وجعل الشمس في اليمين والقمر في اليسار لا تخفى لأن الشمس النير الأعظم واليمين أليق به والقمر النير الممحو واليسار أليق به
(٤٦٢)