السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٦٦
جاءت امرأة أبي لهب وهي أم جميل واسمها العوراء وقيل اسمها أروى بنت حرب أخت أبي سفيان بن حرب ولها ولولة وفي يدها فهر أي بكسر الفاء وسكون الهاء حجر يملأ الكف فيه طول يدق به في الهاون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله تعالى عنه فلما رآها قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها امرأة بذية أي تأتي بالفحش من القول فلو قمت لتؤذيك فقال صلى الله عليه وسلم إنها لن تراني فجاءت فقالت يا أبا بكر صاحبك هجاني أي وفي لفظ ما شأن صاحبك ينشد في الشعر قال لا وما يقول الشعر أي ينشئه وفي لفظ لا ورب هذا البيت ماهجاك والله ما صاحبي بشاعر وما يدري ما الشعر أي لا يحسن إنشاءه قال له أنت عندي تصدق وانصرفت أي وهي تقول ما علمت قريش أني بنت سيدها أي تعني عبد مناف جد أبيها ومن كان عبد مناف أباه لا ينبغي لأحد أن يتجاسر على ذمه قلت يا رسول الله لم لم ترك قال لم يزل ملك يسترني بجناحه أي فقد جاء في رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر قل لها هل ترين عندي أحدا فسألها أبو بكر فقالت أتهزأ بي والله ما أرى عندك أحدا أقول وفي الإمتاع أنها جاءت وهو صلى الله عليه وسلم في المسجد معه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وفي يدها فهر فلما وقفت على النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الله على بصرها فلم تره ورأت أبا بكر وعمر فأقبلت على أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقالت أين صاحبك قال وما تصنعين به قالت بلغني أنه هجاني والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فمه فقال عمر رضي الله تعالى عنه ويحك إنه ليس بشاعر فقالت إني لا أكلمك يا بن الخطاب أي لما تعلمه من شدته ثم أقبلت على أبي بكر لما تعلمه من لينه وتواضعه فقالت والثواقب أي النجوم إنه لشاعر وإني لشاعرة أي فكما هجاني لأهجونه وانصرفت فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لن تراك فقال إنها لن تراني جعل بيني وبينها حجاب أي لأنه قرأ قرآنا اعتصم به كما قال تعالى * (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) * وفي رواية أقبلت ومعها فهران وهي تقول * مذمما أبينا * ودينه قلينا * وأمره عصينا * فقالت أين الذي هجاني وهجا زوجي والله لئن رأيته لأضربن أنثييه بهذين
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»