سنين وأنه حين تبناه طاف به على حلق قريش يقول هذا ابني وارثا وموروثا ويشهدهم على ذلك وكان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول دمى دمك وهدمي هدمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمى سلمك ترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عني وأعقل عنك فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف أي من حالفه فنسخ ذلك وهذا الذي ذكره ابن عبد البر من أنه صلى الله عليه وسلم حين تبناه كان عمره ثمان سنين يدل على أن ذلك كان عقب ملكه صلى الله عليه وسلم له قبل الوحي وأن ذلك كان قبل مجئ أبيه وعمه وحينئذ يكون عتقه وتبنيه بعد مجئ أبيه وعمه إظهارا لما تقدم فليتأمل وفي أسد الغابة أن حارثة أسلم وفي كلام بعضهم لم يثبت إسلام حارثة إلا المنذري ولما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا كان يقال له زيد بن محمد ولم يذكر في القرآن من الصحابة أحد بإسمه إلا هو كما سيأتي قال ابن الجوزي إلا ما يروى في بعض التفاسير أن السجل الذي في قوله تعالى * (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب) * اسم رجل كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم أي وقد أبدى السهيلي حكمة لذكر زيد بإسمه في القرآن وهي أنه لما نزل قوله تعالى * (ادعوهم لآبائهم) * وصار يقال له زيد بن حارثة ولا يقال له زيد بن محمد ونزع منه هذا التشريف شرفه الله تعالى بذكر اسمه في القرآن دون غيره من الصحابة فصار اسمه يتلى في المحاريب ولا يخفى أنه يأتي في زيد ما تقدم في علي ولم تذكر في القرآن امرأة باسمها إلا مريم ولزيد أخ اسمه جبلة أسن منه سئل جبلة من أكبر أنت أم زيد فقال زيد أكبر مني وأنا ولدت قبله أي لأن زيدا أفضل منه لسبقه للإسلام ثم أسلم من الصحابة أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال بعضهم في سبب إسلامه إنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر غشيانه في منزله ومحادثته وكان سمع قول ورقة له لما ذهب معه إليه كما تقدم فكان متوقعا لذلك فهو مع حكيم بن حزام في بعض الأيام إذ جاءت مولاة لحكيم وقالت له إن عمتك خديجة تزعم في هذا اليوم أن زوجها نبي مرسل مثل موسى فانسل أبو بكر حتى أتى رسول
(٤٤٠)