السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٤٣٧
يصلي ثم جاءت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفهما ثم ركع الرجل وركع الغلام وركعت المرأة ثم خر الرجل ساجدا وخر الغلام وخرت المرأة فقلت ويحك يا عباس ما هذا الدين فقال هذا دين محمد بن عبد الله أخي يزعم أن الله بعثه رسولا وهذا ابن أخي علي بن أبي طالب وهذه امرأته خديجة قال عفيف بعد أن أسلم يا ليتني كنت رابعا أي ولعل زيد بن حارثة لم يكن موجودا عندهم في ذلك الوقت فلا ينافي أنه كان يصلي معهم أو أن ذلك كان قبل إسلامه لأنه سيأتي قريبا أن إسلامه بعد إسلام علي وكذا أبو بكر لم يكن موجودا عندهم بناء على أن إسلامه كان قبل إسلام علي ويؤيده ما قيل أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر لكن في الإستيعاب لابن عبد البر أن العباس قال لعفيف الكندي لما قال له ما هذا الذي يصنع قال يصلى وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الغلام وفيه أن عليا قال لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين أي ولعل المراد أنه عبده بغير الصلاة وقوله في هذا الحديث فنظر إلى الشمس فلما رآها مالت توضأ وصلى قد يخالف ما تقدم من أن فرض الصلاة كان ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي قبل غروب الشمس فقط أقول قد يقال لا مخالفة لأنه يجوز أن تكون صلاته في الوقت ليست مما فرض عليه والجماعة في ذلك جائزة وقد فعلها صلى الله عليه وسلم في النفل المطلق وهذا يدل على أن الجماعة كانت مشروعة بمكة حتى في صدر الإسلام قبل فرض الصلوات الخمس وفي كلام بعض فقهائنا أنها لم تشرع إلا في المدينة دون مكة لقهر الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلا أن يقال المراد بمشروعيتها طلبها فكانت في المدينة مطلوبة استحبابا أو وجوبا كفاية أو عينا على الخلاف عندنا في ذلك وفي مكة كانت مباحة لكن في كلام بعض آخر من فقهائنا أن الجماعة لم تفعل بمكة لقهر الصحابة وفيه أن القهر إنما ينافي إظهار الجماعة لا فعلها إلا أن يقال تركت حسما للباب وفيه أنه يبعد تركها وهم مستخفون في دار الأرقم فليتأمل والله أعلم
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»