وآمره أن يخلع ثيابه وينام معي، فرأيت في وجهه الكراهة، وكره أن يخالفني، فقال: يا عماه اصرف وجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي.
قلت له: ولم ذلك؟
قال: لا ينبغي لأحد من الناس أن ينظر إلى جسدي.
قال: فعجبت من ذلك وصرفت بصري عنه حتى دخل فراشه، فلما دخلت أنا الفراش إذا بيني وبينه ثوب ألين ثوب ما مسسته قط ثم شممته، فإذا كأنه قد غمس في المسك، فكنت إذا أصبحت افتقدت الثوب فلم أجده، فكان هذا دأبي ودأبه، فجهدت وتعمدت أن انظر إلى جسده فوالله ما رأيت له جسدا، ولقد كنت كثيرا ما أسمع إذا ذهب من الليل شئ كلاما يعجبني، وكنت ربما أتيته غفلة فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السماء، فهذا ما رأيت يا عباس (1).
وبهذا الإسناد، عن عبد الله بن محمد، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن منصور التميمي، عن ليث بن أبي نعيم، قال: حدثني أبي، عن جدي بلغ به أبا طالب، قال:
كنا لا نسمي على الطعام ولا على الشراب ولا ندري ما هو حتى ضممت محمدا (صلى الله عليه وآله) إلي فأول ما سمعته يقول: " بسم الله الأحد " ثم يأكل، فإذا فرغ من طعامه قال " الحمد لله كثيرا " فتعجبنا منه.
وكان يقول: ما رأيت جسد محمد قط، وكان لا يفارقني الليل والنهار، وكان لا ينام معي في فراشي فأفقده من فراشه، فإذا قمت لأطلبه بادرني من فراشه فيقول: ها أنا يا عم ارجع إلى مكانك.
ولقد رأيت ذئبا يوما قد جاءه وشمه وبصبص حوله ثم ربض بين يديه، ثم انصرف عنه.
ولقد دخل ليلا البيت فأضاء ما حوله، ولم أر منه كذبة قط، ولا رأيته يضحك في غير موضع الضحك، ولا وقف مع صبيان في لعب، ولا التفت إليهم، وكان