أبي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده متعلم (1).
وروى عنه ولده جعفر (عليه السلام) قال: كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه:
(أمرتني فلم أئتمر، ونهيتني فلم أنزجر، فها أنا عبدك بين يديك ولا أعتذر) (2).
وقال جعفر: فقد أبي بغلة له فقال: (لئن ردها الله لأحمدنه بمحامد يرضاها) فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها فركبها فلما استوى عليها وضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال: (الحمد لله) فلم يزد ثم قال: (ما تركت ولا بقيت شيئا، جعلت كل أنواع المحامد لله عز وجل فما من حمد إلا هو داخل فيما قلت) (3).
ونقل عنه (عليه السلام) أنه قال: (مامن عبادة أفضل من عفه بطن أو فرج، وما من شئ أحب إلى الله تعالى من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، وأن يأمر بما لا يفعله، وأن ينهى الناس عما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه) (4).
وقال عبيد الله بن الوليد: قال لنا أبو جعفر يوما: (يدخل أحدكم يده في كم صاحبه يأخذ منه ما يريد؟) قلنا: لا.
قال: (فلستم إخواننا كما تزعمون) (5).