مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٣١٨
تصايح الأوز في وجهه فقال (عليه السلام): صوائح تتبعها نوائح، وقيل: صوارخ.
فقال له ابنه الحسن (عليه السلام): يا أبت ما هذه الطيرة!
فقال: يا بني لم أتطير ولكن قلبي يشهد أني مقتول.
ثم خرج فلما وقف في موضع الأذان أذن ودخل المسجد، وقد كان عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة في بيت قطام، فلما سمعت صوت علي (عليه السلام) قامت إلى عبد الرحمن وقالت: يا أخا مراد هذا أمير المؤمنين علي فقم وأقض حاجتنا وأرجع قرير العين ثم ناولته سيفه فأخذ السيف وجاء ودخل المسجد، ورمى بنفسه بين النيام وأذن علي ودخل المسجد، فجعل ينبه من بالمسجد من النيام.
ثم صار إلى محرابه فوقف فيه واستفتح وقرأ، فلما ركع وسجد سجدة ضربه على رأسه، فوقعت الضربة على ضربة عمرو بن عبد ود يوم الخندق بين يدي رسول الله (ص) - وقد تقدم ذكر قتله عمرو ذلك اليوم - ثم بادر وخرج من المسجد هاربا، وسقط (عليه السلام) لما به، وتسامع الناس بذلك وقالوا: قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأقام الحسن (عليه السلام) الصلاة وصلى بالناس ركعتين خفيفتين، وامسك عبد الرحمن فلما احضر بين يدي علي (عليه السلام) وجعل الناس يلطمون وجهه من كل ناحية.
فقال له علي (عليه السلام): ويحك يا أخا مراد بئس الأمير كنت لك.
قال: لا، يا أمير المؤمنين.
قال (عليه السلام): ويحك ما حملك على أن فعلت.
فسكت.
فقال علي (عليه السلام): وكان أمر الله قدرا مقدورا، ثم أمر بحبسه وقال: إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني.
وحثهم على طعامه (1) فلما أحس من نفسه بالموت، جمع بنيه ووصى

1 - الفتوح 4: 276، ومناقب الخوارزمي 380: 401، ومناقب ابن شهرآشوب 3: 357.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 324 ... » »»