تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٩
مستحقا منا ومنه تعالى الاستخفاف والإهانة: وأي نفس تسكن إلى مستخف بقدره مهان موبخ مبكت؟ وما يجيز مثل ذلك على الأنبياء (ع) إلا من لا يعرف حقوقهم ولا يعلم ما تقضيه منازلهم.
حول أيحاء إبليس لحواء بتسمية ولدها عبد الحارث:
(مسألة) فإن قال قائل فما قولكم في قوله تعالى ﴿هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون﴾ (1) أوليس ظاهر هذه الآية يقتضي وقوع المعصية من آدم (ع) لأنه لم يتقدم من يجوز صرف هذه الكناية في جميع الكلام إليه إلا ذكر آدم (ع) وزوجته، لأن النفس الواحدة هي آدم وزوجها المخلوق منها هي حواء. فالظاهر على ما ترون ينبي عما ذكرناه، على أنه قد روي في الحديث أن إبليس لعنه الله تعالى، لما أن حملت حواء عرض لها وكانت ممن لا يعيش لها ولد. فقال لها أحببت أن يعيش ولدك فسميه عبد الحارث، وكان إبليس قد سمي الحارث، فلما ولدت سمت ولدها بهذه التسمية. فلهذا قال تعالى: (جعلا له شركاء فيما آتاهما).
(الجواب): يقال له قد علمنا أن الدلالة العقلية التي قدمناها في باب أن الأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الكفر والشرك والمعاصي غير محتملة، ولا يصح دخول المجاز فيها. والكلام في الجملة يصح فيه الاحتمال وضروب المجاز، فلا بد من بناء المحتمل على ما لا يحتمل، فلو لم نعلم تأويل هذه الآية على سبيل التفصيل، لكنا نعلم في الجملة أن

(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست