الحركات السياسية العديدة التي شهدتها تلك الفترة المهمة من التاريخ العربي، ذلك انها لم تتضمن شيئا من برنامج الحركة الشيعية السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي على غرار ما ظهر قبل ذلك في ثورة الحسين أو ما ظهر من ملامح فيما بعد في حركة المختار الثقفي، وانما انحصرت في ظل اطار التكفير عن الذنب واتخذت من الثأر للحسين شعارا رئيسيا لها، وانعكس عليها سلوك زعمائها المثالي وشخصياتهم المرتفعة التي زهدت بالمناصب ورفضت المساومات، ونبذت كل موقف لا يتلاءم مع المبدأ العام للحركة، الذي لخصه سليمان بالعبارة الآتية: انه لا يغسل عنهم ذلك الجرم الا قتل من قتله أو القتل فيه (1).
وانطلاقا من هذا المفهوم نجد أن حركة التوابين كثورة سياسية لا تبتعد بذلك عن الخط المبدأي لحركة المعارضة الشيعية أثناء مراحلها النضالية المتلاحقة من أجل استلام الحكم. فالتخلي عن هذا المطلب - كان بنظرهم - تخليا عن حق شرعي وخرقا لعهد إلهي.
ونتيجة لذلك لم يكن طلب السلطة عندهم للتحكم، وانما لتنفيذ مبدأ هو الاسلام. ولا ريب في أن وجود مثل هذه الأفكار المثالية