عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥١٢
الذي كان قبله احدث هو الاخر أشياء يمتاز بها عن سلفه عن حتى فحش الامر وتعدى ذلك لقضايا أكابر الدولة وكتخدا بك بل والباشا وصارت ذريعة وامرا محتما لا يحتشمون منه ولايراعون خليلا وكبيرا ولا جليلا وكان المعتاد القديم انه إذا ورد القاضي في أول السنة التوتية التزم بالقسمة بعض المميزين من رجال المحكمة بقدر معلوم يقوم بدفعه للقاضي وكذلك تقرير الوظائف كانت بالفراغ أو المحلول وله شهريات على باقي المحاكم الخارجة كالصالحية وباب سعادة والخرق وباب الشعرية وباب زويلة وباب الفتوح وطيلون وقناطر السباع وبولاق ومصر القديمة ونحو ذلك وله عوائد واطلاقات وغلال من الميري وليس له غير ذلك الا معلوم الامضاء وهو خمسة انصاف فضة فإذا احتاج الناس في قضاياهم ومواريثم احضروا شاهدا من المحكمة القريبة منهم فيقضي فيها مايقضيه ويعطونه اجرته وهو يكتب التوثيق أو حجة المبايعة أو التوريث ويجمع العدة من الأوراق في كل جمعة أو شهر ثم يمضيها من القاضي ويدفع له معلوم الامضاء لاغير واما القضايا لمثل العلماء والامراء فبالمسامحة والاكرام وكان القضاة يخشون صولة الفقهاء وقت كونهم يصدعون بالحق ولا يداهنون فيه فلما تغيرت الأحوال وتحكمت الأتراك وقضاتها ابتدعوا بدعا شتى منها ابطال نواب المحاكم وابطال القضاة الثلاثة خلاف مذهب الحنفي وأن تكون جميع الدعاوي بين يديه ويدي نائبه وبعد الانفصال يأمرهم بالذهاب إلى كتخداه ليدفع المحصول فيطلب منهم المقادير الخارجة عن المعقول وذلك خلاف الرشوات الخفية والمصالحات السرية وأضاف التقرير والقسمة لنفسه ولا يلتزم بها أحد من الشهود كما كان في السابق وإذا دعى بعض الشهود لكتابة توثيق أو مبايعة أو تركة فلا يذهب إلا بعد ان يأذن له القاضي أو يصحبه بجوخدار ليباشر القضية وله نصيب أيضا وزاد طمع هؤلاء الجوخدارية حتى لا يرضون بالقليل كما كانوا في
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»