عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٤
طوق البشر ويراسل خواصه بمصر سرا فيطالعونه بالأخبار والأسرار إلى أن حصل العثمانيون بمصر فصار المترجم هو المشار اليه في الدولة والتزم بالاقتطاعات والبلاد وحضر الوزير إلى داره وقدم اليه التقادم والهدايا وباشر الأمور العظيمة والقضايا الجسيمة وما يتعلق بالدولة والدواوين والمهمات السلطانية وازدحم الناس ببابه وكثرت عليه الأتباع والأعوان والقواسة والفراشون وعساكر رومية ومترجمون وكلارجية ووكلاء وحضرت مشايخ البلاد والفلاحون الكثيرة بالهدايا والتقادم والأغنام والجمال والخيول وضاقت داره بهم فاتخذ دورا بجواره وانزل بها الوافدين وجعل بها مضايف وحبوسا وغير ذلك ولما قصد يوسف باشا الوزير السفر من مصر وكله على تعلقاته وخصوصياته وحضر محمد باشا خسرو فاختص به أيضا اختصاصا كليا وسلم اليه المقاليد الكلية والجزئية وجعله أمير الضربخانة وزادت صولته وشهرته وطار صيته واتسعت دائرته وصار بمنزلة شيخ البلد بل أعظم ونفدت أوامره في الإقليم المصري والرومي والحجازي والشامي ودرك من العز والجاه والعظمة مال يتفق لامثالة من أولاد البلد وكان ديوان بيته أعظم الدواوين بمصر وتغرب وجهاء الناس لخدمته والوصول لسدته ووهب وأعطى وراعى جانب كل من انتمى اليه واغدق عليه وكان يرسل الكساوي في رمضان للأعيان والفقهاء والتجار وفيها الشالات الكشميري ويهب المواهب وينعم الانعامات ويهادي أحبابه ويسعفهم ويواسيهم في المهمات وعمل عدة اعراس وولائم وزار محمد باشا المذكور في داره مرتين أو ثلاثة باستدعاء وقدم له التقادم والهدايا والتحاليف والرخوت المثمنة والخيول والتعابي من الأقمشة الهندية والمقصبات ولما ثارت العسكر على محمد باشا وخرج فارا كان بصحبته في ذلك الوقت فركب أيضا يريد الفرار معه واختلف بينهما الطرق فصادفه طائفة من العسكر فقبضوا عليه وعروا ثيابه وثياب ولده ومن معه واخذوا منه جوهرا
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»