عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٢
البارودي أيضا وسعايته وسعادة طالعه وسكن داره العظيمة التي عمرها بجوار الفحامين محل دكة الحسبة القديم وتزوج بزوجاته واستولى على حواصله ومخازنه واستقل بها من غير شريك ولا وارث وعند ذلك زادت شهرته وعظم شانه ووجاهته ونفذت كلمته على اقرانه ولم يزل طالعه يسمو وسعده يزيد وينمو وعاد مراد بك والامراء والمصريون بعد موت إسماعيل بك وانقلاب دولته إلى امارة مصر فاختص بخدمته وقضاء سائر اشغاله وكذلك إبراهيم بك وباقي الامراء وقدم لهم الهدايا والظرائف وواسى الجميع أعلاهم وادونهم بحسن الصنع حتى جذب اليه قلوب الجميع ونافس الرجال وانعطعفت اليه الآمال وعامل تجار النواحي والأمصار من سائر الجهات والأقطار واشتهر ذكره بالأراضي الحجازية وكذا بالبلاد الشامية والرومية واعتمدوه وكاتبوه وأرسلوه وأودعوه الودائع وأصناف التجارات والبضائع وزوج ولده السيد محمد وعمل له مها عظيما افتخر فيه إلى الغاية ودعا الأمراء والأكابر والأعيان وارسل اليه إبراهيم بك ومراد بك الهدايا العظيمة المحملة على الجمال الكثيرة وكذلك باقي الأمراء ومعها الأجراس التي لها رنة تسمع من البعد ويقدمها جمل عليه طبل نقارية وذلك خلاف هدايا التجار وعظماء الناس والنصارى الأروام والأقباط الكتبة وتجار الإفرنج والأتراك والشوام والمغاربة وغيرهم وخلع الخلع الكثيرة وأعطى البقاشيش والإنعامات والكساوي ولا يشغله امر عن اخر يمضيه أو غرض ينفذه ويقضيه كما قيل أخو عزمات لا يريد على الذي يهم به من مفظع الأمر صاحبا إذا هم القى بين عينيه عزمة فكب عن ذكر العواقب جانبا وحج في سنة اثنتي عشرة ومائتين والف وخرج في تجمل زائد وجمال كثيرة وتختروانات ومواهي ومسطحات وفراشين وخدم وهجن وبغال وخيول وكان يوم خروجه يوما مشهودا اجتمع الكثير من العامة والنساء وجلسوا بالطريق للفرجة عليه ومن خرج معه لتشييعه ووداعه
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»