عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٦
الغفير أمس اليوم المطلوبين في صبحه بالتبكير إلى شغل اللمتزم فمن تخلف لعذر احضره الغفير أو المشد وسحبه من شنبه واشبعه سبا وشتما وضربا وهو المسمى عندهم بالعونة والسخرة واعتادوا ذلك بل يرونه من اللازم الواجب وهذا خلاف ما يلقونه من الاذلال والتحكم من مشايخهم والشاهد والنصراني الصراف وهو العمدة والعهدة خصوصا عند قبض المال فيغالطهم ويناكرهم وهم له أطوع من أستاذهم وأمره نافذ فيهم فيأمر قائمقام بحبس من شاء اوضربه محتجا عليهم ببواقي لايدفعها وإذا غلق أحدهم ما عليه من المال الذي وجب عليه في قائمة المصروف وطلب من المعلم ورده وهي ورقه الغلاق وعده لوقت اخر حتى يحرر حسابه فلا يقدر الفلاح على مرادته خوفا منه فإذا سأله من بعد ذلك قال له بقي عليك جبتان من فدان أو خروبتان أو نحو ذلك ولايعطيه ورقة الغلاق حتى يستوفي منه قدر المال أو يصانعه بالهدية والرشوة وغير ذلك أمور واحكام خارجة عن ادراك البهيمية فضلا عن البشرية كالشكاوي ونحوها وذلك كما إذا تشاجر أحدهم مع اخر على امر جزئي بادر أحدهم الحضور إلى الملتزم وتمثل بين يديه قائلا اشكو اليه فلانا بمائة ريال مثلا فبمجرد قوله ذاك يأمر بكتابة ورقة خطابا إلى قائمقام أو المشايخ بأحضار ذلك الرجل المشتكي واستخلاص القدر الذي ذكره الشاكي قليلا أو كثيرا أو حبسه وضربه حتى يدفع ذلك القدر ويرسل والورقة مع بعض اتباعه ويكتب بها مشها كراء طريقة قليلا أو كثير أو يسمونه حق الطريق فعند وصوله أول شئ يطالب به الرجل حق الطريق المعين ثم الشكوى فإن بادر ودفعها والا حبس أو حضر به المعين إلى بيت أستاذه فيوعده الحبس ويعاقبه بالضرب حتى يوفي القدر الذي تلفظ به الشاكي وان تأخر عن حضوره المعين اردفه بآخر وحق طريق الاخر كذاك ويسمونها الاستعجالة وغير ذلك احكام وأمور غير معقولة المعنى قد ربوا عليها واعتادوا لا يرون فيها بأسا ولا عيبا وقد سلط الله على هؤلاء الفلاحين
(٤٥٦)
مفاتيح البحث: الشكوى (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»