عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٦٠
كانت تحت يد بعض مشايخ البلاد فلا يقدر أحد أن يتعدى عليه من الفلاحين ويستأجرها من صاحبها وان فعل لا يقدر على حمايتها والكثير من الرزق واسعة القياس جدا وما لها قليل جدا وخصوصا في الأراضي القبلية فإن غالبها رزق وشراوي ومتأخرات لم تمسح ولم يعلم لها فدادين ولا مقادير وقد تزيد أيضا بانحسار البحر عن سواحلها وكذلك في البلاد البحرية ولكن دون ذلك ومعظم أراضي الرزق القبلية مرصدة على جهات الأوقاف بمصر وغيرها والواضعون أيديهم عليها لا يدفعون لجهاتها ولا لمستحقيها الا ما هو مرتب ومقرر من الزمن والأول السابق وهو شئ قليل وليتهم لو دفعوه فإن في أوقاف السلاطين المتقدمة القطمة من الأراضي التي عبرتها أكثر من ألف فدان وخراجها خمسون زكيبة والزكيبة خمس ويبات أو من الدراهم الفان فضة وأقل وأكثر وهي تحت يد بعض كبراء البلاد يزرعها ويأخذ منها الألوف من الاردب من أجناس الغلال ويضمن ويبخل بدفع ذاك القدر اليسير لجهة وقفه ويكسر السنة على السنة فإن كانت يد صاحب الأصل قوية أو كان واضع اليد فيه خيرية وقليل ما هم دفع لأربابها ثمنها بعد أن يرد الخمسين إلى الأربعين بالتكسير والخلط ثم يبخس الثمن جدا فإن كان ثمن الاردب أربعمائة حسبه بأربعين نصفا أو أقل فيعود ثمن الخمسين زكيبة إلى ثمن زكيبتين وقس على ذلك والذي يكون تحت يده شئ من اطيان هذه الأوقاف ورثها من بعده ذريته فزرعوها وتقاسموها معتقدين ملكيتها تلقوها بالإرث من مورثهم ولا يرون أن لاحد سواهم فيها حقا ولايهون بهم دفع شئ لأربابه ولو قل الاقهرا وبالجملة ما أصاب الناس الا ما كسبت أيديهم ولاجنوا لاثمرات اعمالهم وكان معظم إدارات دوائر عظماء النواحي وتوسعاتهم ومضايفهم من هذه الارزاق التي تحت أيديهم بغير استحقاق إلى أن سلط الله عليهم من استحوذ على جميع ذلك وسلب عنهم ما كانوا فيه من النعمة وتشتتوا في النواحي وتغربوا عن أوطانهم وخربت دورهم
(٤٦٠)
مفاتيح البحث: الرزق (2)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»