عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٨
فإذا صادفوه مرة أخرى ذاكروه فيما فاتهم في السابق فإما سامحوه وامتنوا عليه بتركها أو طالبوه بها أا لم يكن ممن يخشوه فسعى أيضا المترجم مع الباشا في منعهم من ذلك ومن مساويه انه أول من فتح باب الزيادة في متحصل الضربخانة حتى تنبه الباشا من ذلك الوقت لأهل الضربخانة وأوقع بهم ما تقدم ذكره ومنها احداث المكس على اللبان والحناء والصمغ على ما قيل ومن ذا الذي نرضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه وبالجملة فمن رأس العين يأتي الكدر كما قاله الليث بن سعد لمما سأله الرشيد وقال له يا ابا الحرث ما صلاح امر زراعتها وجدبها وخصبها فبالنيل واما صلاح احكامها فمن رأس العين يأتي الكدر فقال له صدقت ذكر ذلك الحافظ بن حجر في المرحمة الغيثية في الترجمة الليثية وعلى كل فكان المترجم أحسن من رأينا في هذه الدولة وكان قريبا من الخير وفعله مواظبا على الصلوات الخمس في أوقاتها ملازما على الاشتغال ومطالعة الكتب والممارسة في دقائق الفنون واقتنى كتبا كثيرة في سائر الفنون واستنباط الصنائع حتى أنه صنع الجوخ الملون الذي يعمل ببلاد الإفرنج ويجلب إلى الآفاق ويلبسه الناس للتجمل وكان قل وجوده بمصر وغلا ثمنه فعمل عدة انوال ومناسج غريبة الوضع واحضر اشخاصا من النساجين فنسجوا الصوف بعد غزله مدات حددها لهم في الطول والعرض ثم بتسلمه رجال أعدهم لتخميره وتلبيده بالقلي والصابون منشورا ومطويا بكيفيات في أوقات وأيام بماشرته لهم في العمل واشارته ثم يضعونه مطويا في أحواض من خشب ثخين مزفت تمتلئ بالماء من ساقية صنعها لخصوص ذلك يصب منها الماء إلى تلك الأحواض تديرها الاثوار وعلى تلك الأحواض مدقات شبيهة بمدقات الأرز تتحرك في صعودها وهبوطها من ترس خاص يدور بدوران الساقية وما يفيض من ماء الأحواض يجرى إلى بستان زرعه حول ذلك فيسقي ما به من الأشجار والمزارع فلا يذهب الماء هدرا ثم
(٣٨٨)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الصّلاة (1)، الخمس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»