عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٧
نصف فضة ثم يأخذون أيضا من ذلك الشيء ويأخذون على كل حمل حمار أو بغل أو جمل نصف فضة وإذا اشترى شخص من ساحل بولاق أو مصر القديمة اردب غلة أو حملة حطب لعياله اخذ منه المتقيدون عند قنطرة الليمون فإذا خلص منهم استقبله الكائنون بالباب الحديد وهكذا سائر الطرق التي يدخل منها المارة إلى المدينة ويخرجون مثل باب النصر وباب الفتوح وباب الشعرية وباب العدوي وطرق الازبكية وباب القرافة والبرقية وطرق مصر القديمة فسعى المترجم بإبطال ذلك وتكلم مع الباشا وعرفه تضرر الناس وخصوصا الفقراء وهؤلاء المتقيدون لهم علائف يقبضونها من الباشا كغيرهم وهذا قدر زائد فرخص له في ابطال هذا الامر وكتب له بيورلدى بمنع هؤلاء المركوزين عن اخذ شيء من الناس جملة كافية وقيد بكل مركز شخصا من اتباعه لمراقبتهم وأشاع ذلك في الناس فانكفوا وامتنعوا عن اخذ شيءمن عامة الناس وكانوا يجمعون من ذلك مقادير من الفضة العددية يتقاسمونها آخر النهار وذلك خلاف ما يأخذونه من الأشياء المحمولة كالجبن والزبد والخيار والقثاء وأنواع البطيخ والفاكهة والبرسيم والاحطاب والخضارات وغير ذلك ومن مناقبه أيضا أن الجاويشية والقواسة الأتراك المختصين بخدمة الباشا والكتخدا كان من عوائدهم القبيحة انهم في كل يوم جمعة يلبسون أحسن ملابسهم وينتشرون بالمدينة ويطوفون على بيوت الأعيان وأرباب المظاهر وأصحاب المناصب ويأخذون منهم البقاشيش ويسمونها الجمعية فما هو ألا أن يصطبح أحد من ذكر ويجلس مجلسه ألا واثنان أو ثلاثة عابرون عليه من غير استئذان فيقفون قبالته وبأيديهم العصي المفضضة فيعطيهم القرشين أو الثلاثة بحسب منصبه ومقامه فإذا ذهبوا وانصرفوا حضر اليه خلافهم وهكذا ولا يرون في ذلك ثقلا ولا رذالة بل يرون أن ذلك من اللازمات الواجبة فلا يكفي أحد المقصودين الخمسون قرشا أو أقل أو أكثر في ذلك اليوم تذهب سبهللا فكان منهم من ينقطع في حريمه ذلك اليوم أو يتوارى ويتغيب عن منزله
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»