عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٣
ويحفيها عن الباشا وانه إذا حوسب على السنين الماضية يطلع عليه ألوف من الأكياس فعندما سمع ذلك أمرهما بمباشرة حسابه عن اربع سنوات متقدمة فخرجا من عنده واخذ صحبتهما مباشرا تركيا ونزلوا على حين غفلة بعد العصر وتوجهوا إلى منزل أخيه عثمان أفندي السرجي ففتحوا خزانة الدفاتر واخذوها بتمامها إلى بيت ابن الباشا إبراهيم بك الدفتردار واجتمعوا في صبحها للمحاققة والحساب مع أخيه عثمان أفندي المذكور واستمروا في المناقشة والمحاققة عدة أيام مع المرافعة والمدافعة والميل الكلي على حسين أفندي ويذهبون كل ليلة يخبرون الباشا بما يفعلون وبالقدر الذي ظهر عليه فيعجبه ذلك ويثنى عليهما ويحرضهما على التدقيق فتنتفخ اوداجهما ويزيدان في الممانعة والمدافعة والمرافعة في الحساب وحسين أفندي على جليته ويظن انه على عادته في كونه مطلق التصرف في الأموال الميرية ويبلغها إذا سئل فيها للقائم بالدولة ايرادا ومصرؤفا ليكون اجمالا لا تفصيلا لكونه أمينا وعدلا وكان الايراد والمصرف محررا أو مضبوطا في الدفاتر التي بأيدي الافندية الكتاب ومن انضم إليهم من كتاب اليهود في دفاترهم أيضا بالعبراني لتكون كل فرقة شاهدة وضابطة على الأخرى فلما استقل هذا الباشا بمملكة الديار المصرية واستغول في تحصيل الأموال بأي وجه واستحدث أقلام المكوس وجعلها في دفاتر تحت أيدي الافندية وكتبة الروزنامة فصارت من جملة الأموال الميرية في قبضها وصرفهاوتحويلها والباشا مرخى العنان للروزنامجي ومرخص له في الاذن والتصرف والروزنامجي كذلك مرخي العنان لاحد خواص كتابه المعروف بأحمد اليتيم لفطانته ودرايته فكان هو المشار اليه من دون الجميع ويتطاول عليهم ويمقت من فعل فعلا دون اطلاعه وربما سبه ولو كان كبيرا أو أعلى منزلة منه في فنه فيمتلىء غيظا وينقطع عن حضور الديوان فيهمله ولا يسال عنه والأفندي الكبير لا يخرج عن رايه لكونه ساد امسد الجميع فدبروا على احمد أفندي المذكور وحفروا له واغروا به حتى نكبه الباشا
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»