وأحرقوا مراكبهم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ولم يبق منهم الا القليل واستمر الامر في هذا الخلط القبلي والبحري عدة أيام ولم يأت من الإسكندرية سعاة ولا خبر صحيح وفيه وصل الكثير من أهالي الفيوم ودخلوا إلى مصر وهم في أسوأ حال من الشتات والعرى مما فعل بهم ياسين بك فخرجوا على وجوههم وجلوا عن أوطانهم ولم يمكنهم الخروج من بلادهم حتى ارتحل عنهم المذكور يريد الحضور إلى ناحية مصر عندما بلغه خبر حضور الانكليز إلى ثغر إسكندرية وفي سابع عشره وصل ياسين بك المذكور إلى ناحية دهشور وارسل مكاتبه خطابا للسيد عمر والقاضي وسعيد أغا يذكر فيها انه لما بلغه وصول الانكليز اخذته الحمية الاسلامية وحضر وصحبته ستة آلاف من العسكر ليرابط بهم بالجيزة أو بقليوب ويجاهد في سبيل الله فكتبوا له أجوبة مضمونها أن كان حضوره بقصد الجهاد فينبغي أن يتقدم بمن معه إلى الإسكندرية وإذا حصل له النصر تكون له اليد البيضاء والمنقبة والذكر والشهرة الباقية فإنه لا فائدة بإقامته بالجيزة أو قليوب وخصوصا قليوب بالبر الشرقي وكان حسن باشا خرج بعرضيه في موكب إلى ناحية الحلي قبل ذلك بأيام ويرجع إلى داره آخر النهار فيبيت بها ثم يخرج في الصباح وعساكره واوباشه ينتشرون بتلك النواحي يعبثون ويخطفون متاع الناس ومبيعات الفلاحين وأهل بولاق وفي كل يوم يشيعون بأنه مسافر إلى الجهة البحيرة لمحاربة الانكليز فلما ورد خبر مجئ ياسين بك تأخر عن السفر وعملوا مشورة فاقتضى رأيهم أن حسن باشا يعدي إلى البر الغربي ويقيم بالجيزة لئلا يأتي ياسين بك ويملكها فعدى حسن باشا في يوم الاثنين عشرينه واقام بها واعرض عن السفر إلى جهة البحيرة وفيه وردت الأخبار الصحيحة بأخذ الإسكندرية واستيلاء الانكليز عليها يوم الخميس المتقدم تاسع الشهر ودخلوها وملكوا الأبراج يوم الأحد
(١٧٩)